قوله: ﴿ كۤهيعۤصۤ ﴾ اعلم أن الكاف والصاد يمدان مداً لازماً باتفاق السبعة، وهو قادر ثلاث ألفات، والهاء والياء يمدان مداً طبيعياً باتفاقهم وهو قدر ألف، ويجوز في العين المد اللازم المذكور والقصر بقدر ألفين قراءتان سبعيتان، ويتعين في النون من عين إخفاؤها في الصاد وغنتها وفتح العين، ويجوز في الدال الإظهار والإدغام في ذال ذكر، والقراءتان سبعيتان. قوله: (الله أعلم بمراده بذلك) هذا هو الحق، وللسلف أقوال أخر، منها ما قاله ابن عباس: إنه اسم من أسماء الله تعالى، وقال قتادة: هو اسم من أسماء القرآن، وقيل: هو اسم الله الأعظم، ولذا يذكره العارفون في أحزابهم، كالسيد الدسوقي، وأبي الحسن الشاذلي، وقيل هو اسم السورة، وقيل قسم أقسم الله به، وعن الكلبي: هو ثناء أثنى الله به على نفسه، وقيل معناه كاف لخلقه، هاد لعباده، يده فوق أيديهم، عالم ببريته، صادق في وعده، فكل حرف يشير لمعنى من هذه المعاني، وقيل غير ذلك قوله: (هذا) قدره إشارة إلى أن ذكر خبر لمحذوف. قوله: ﴿ ذِكْرُ رَحْمَتِ ﴾ هو مصدر مضاف لمفعوله، والفاعل محذوف أي ذكر الله رحمته عبده زكريا. قوله: (مفعول رحمة) أي ورحمته من إضافة المصدر لفاعله، وهذه التاء لا تمنع عمل المصدر، لأنها من بنية الكملة لا للوحدة، ومعنى ذكر الرحمة، بلوغها وإصابتها لعبده زكريا، بمعنى عامله بالرحمة والنعمة، لا بالغضب والنقمة، وليس المراد بالذكر حقيقته، وهو ضد النسيان، لأنه مستحيل. قوله: (متعلق برحمة) أي على أنه ظرف له، أي رحمة الله إياه وقت أن ناداه. قوله: (مشتملاً على دعاء) أي وهو قوله: ﴿ رَبِّ إِنَّي وَهَنَ ٱلْعَظْمُ ﴾ إلى قوله: ﴿ وَٱجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيّاً ﴾ فجملة النداء ثمان جمل، والدعاء منه هو قوله: ﴿ فَهَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ ﴾ إلخ. قوله: (جوف الليل) أي في جوفه. قوله: (لأنه أسرع للإجابة) أي ما ذكر من كونه خفياً حاصلاً في جوف الليل، فتحصل أن إخفاء الدعاء والذل والتواضع والانكسار فيه من أسباب الإجابة، سيما إذا كان في جوف الليل. قوله: ﴿ قَالَ رَبِّ ﴾ أي يا مالكي ومربي. قوله: ﴿ وَهَنَ ﴾ من باب وعد، بفتح الهاء للسبعية، وقرئ بضمها وكسرها. قوله: (جميعه) أشار بذلك إلى أن أل في العظم للاستغراق. قوله: (أي انتشر) أشار بذلك إلى أن في ﴿ ٱشْتَعَلَ ﴾ استعارة تبعية، حيث شبه انتشار الشيب، باشتعال النار في الحطب، واستعير الاشتعال للانتشار، واشتق منه اشتعل بمعنى انتشر، والجامع أن كلاً يضعف ما نزل له، وأعاد الضمير على الرأس مذكراً لأنها تذكر لا غير. قوله: (وإني أريد أن أدعوك) تمهيد لقوله: ﴿ وَلَمْ أَكُنْ ﴾ الخ. قوله: (أي بدعائي إياك) أشار بذلك إلى أن دعاء مصدر مضاف لمفعوله، والفاعل محذوف. قوله: (فيما مضى) أي أنت قد أجبتني في الزمان الماضي حال شبوبيتي، وعودتني منك بالإحسان والإجابة، فلا تخيبني فيما يأتي في حال شيخوختي. قوله: ﴿ وَإِنِّي خِفْتُ ٱلْمَوَالِيَ ﴾ جمع مولى وهو العاصب. قوله: (كبني العم) أي لأنهم كانوا شرار بني إسرائيل، فخاف أن يبدلوا دينهم. قوله: ﴿ مِن وَرَآءِى ﴾ متعلق بمحذوف، أي جور الموالي من ورائي. قوله: (على الدين) متعلق بخفت. قوله: (من تبديل الدين) بيان لما. قوله: ﴿ وَكَانَتِ ٱمْرَأَتِي ﴾ أي وهي أشاع أخت حنة، كلتاهما بنت فاقود، فولد لأشاع يحيى، ولحنة مريم. قوله: (لا تلد) أي لم تلد أصلاً لا في صغرها، ولا كبرها. قوله: (وبالرفع صفة وليا) هي سبعية أيضاً، وهي أظهر معنى، لأنها تفيد أن هذا الوصف من جملة مطلوبة. قوله: (العلم والنبوة) أي لا المال، لأن الأنبياء لا يورثون درهماً ولا ديناراً. قوله: (قال تعالى) أشار بذلك إلى أن هذا من كلام الله، ولا ينافيه ما تقدم في سورة آل عمران من أنه من كلام الملائكة، لأنه يمكن أن يكون الخطاب وقع مرتين، أو المعنى على لسان الملائكة. قوله: (والحاصل به) نعت للابن. قوله: ﴿ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلاَمٍ ﴾ بين هذه البشارة، ووجود الولد في الخارج بالفعل ثلاث عشرة سنة. قوله: ﴿ ٱسْمُهُ يَحْيَىٰ ﴾ إنما سماه بذلك، لأن رحم أمه حيي به بعد موته بالعقم، أو لحياة القلوب به، وهو ممنوع من الصرف للعملية والعجمة، وتقول في تثنيته يحييان رفعاً، ويحيين نصباً وجراً، وتقول في جمعه للسلامة يحييون رفعاً، ويحيين نصباً وجراً. قوله: (أي مسمى بيحيى) أي لم يسم بيحيى قوله: (كيف) اسم استفهام سؤال عن جهة حصول الولد لاستبعاد ذلك، بحسب العادة لا بحسب القدرة الإلهية، أو استفهام تعجب وسرور في هذا الأمر العجيب. قوله: ﴿ وَكَانَتِ ٱمْرَأَتِي عَاقِراً ﴾ أي ولم تزل. قوله: (يبس) بالباء المثناة بعدها باء موحدة من اليبس، يقال عتا العود بمعنى يبس وجف، ومعناه بس العظم والعصب والجلد. قوله:(عتوو) هو بضمتين وواوين. قوله: (كسرت التاء) الخ، اشتمل كلامه على أربع إعمالات في الكلمة، غير كسر التاء وقلب الواو الأولى ياء، وقلب الثانية كذلك لاجتماعها مع الواو، وسبق إحداهما بالسكون وإدغام الياء في الياء وهذا على غير قراءة حفص، وأما على قراءته من كسر العين إتباعاً للتاء، ففيه خمس إعمالات. قوله: (الأمر) قدره إشارة إلى أن كذلك خبر لمحذوف.