قوله: ﴿ وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلاَّ بِأَمْرِ رَبِّكَ ﴾ هذا على لسان جبريل، أمره الله تعالى بذلك اعتذاراً لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وجواباً لسؤاله المذكور، والتنزل النزول شيئاً فشيئاً. قوله: (من أمور الآخرة) بيان لما، ويصح أن تمهل. قوله: ﴿ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا ﴾ على ما يأتي، وقوله: ﴿ وَمَا خَلْفَنَا ﴾ على ما سبق، وقوله: ﴿ وَمَا بَيْنَ ذٰلِكَ ﴾ على الحالة الراهنة. قوله: (له علم ذلك جميعه) أي تفصيلاً، وأما علم بعضه إجمالاً، فيكون لبعض الحوادث، كالأنبياء والأولياء، بإلهام من الله تعالى، ومع ذلك فيكتمونه، ولا يفشون منه إلا ما أذن لهم فيه، إذا علمت ذلك، فالتشدق بالتجري على المغيبات من الضلال المبين؛ لأنه لو استند لقواعد فهي كاذبة، ولو صادفت الحق بمصداق قوله صلى الله عليه وسلم:" كذب المنجمون ولو صدقوا "وإن استند لكشف، فصاحبه لا يطلع إلا على بعض جزئيات، ومع ذلك هو مأمور بكتمها، لأن الله قال لنبيه على لسان جبريل: ﴿ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذٰلِكَ ﴾ فكيف بغيره من آحاد الخق. قوله: (أي تاركاً لك) إي إن عدم التنزل لحكمة يعلمها الله لا تركاً لك وهجراناً، وهذه الآية بمعنى قوله تعالى:﴿ مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَىٰ ﴾[الضحى: ٣].
قوله: (هو) قدره إشارة إلى أن رب خبر لمحذوف. قوله: ﴿ فَٱعْبُدْهُ ﴾ أي دم على عبادته، ولا تحزن بإبطاء الوحي واستهزاء الكفر. قوله: (أي مسمى بذلك) أي بفلظ الجلالة وبرب السماوات والأرض، وقيل معنى سيما مثلاً يستحق أن يسمى إلهاً واحداً يسمى بالله. فإن المشركين وإن سموا الصنم إلهاً، لم يسموه الله قط، لظهور أحديته وأنه ﴿ رَّبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا ﴾ قال تعالى:﴿ وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُ ﴾[الزخرف: ٨٧].
وقد ورد أن امرأة سمت ولدها الله، فنزلت عليه نار فأحرقته. قوله: (المنكر للبعث) أشار بذلك إلى أن المراد بالإنسان، خصوص الكافر المنكر للبعث. قوله: (أو الوليد) أو لتنويع الخلاف في المارد بالإنسان الذي قال تلك المقالة، وفي الحقيقة كل من الشخصين قد قالها.


الصفحة التالية
Icon