قوله: ﴿ وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَىٰ ﴾ استفهام للتشويق والتقرير في ذهن السامع، والجملة مستأنفة، خطاب لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، كأن الله يقول له: إنا أرسلناك بالتوحيد، ولا غرابة في ذلك، فإنه أمر مستمر فيما بين الأنبياء، كابراً عن كابر، وقد خوطب به موسى حيث قيل له:﴿ إِنَّنِيۤ أَنَا ٱللَّهُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاۤ أَنَاْ فَٱعْبُدْنِي ﴾[طه: ١٤] وبه ختم موسى مقالته حيث قال:﴿ إِنَّمَآ إِلَـٰهُكُمُ ٱللَّهُ ٱلَّذِي لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ ﴾[طه: ٩٨] فالمقصود من الاستفهام، تشويق السامع ليتلقى ما ذكر بتطلع والتفات وحضور قلب، لا حقيقته، فإنه مستحيل عليه تعالى، أو أن ﴿ هَلْ ﴾ بمعنى (قد) كما قال المفسر. قوله: ﴿ إِذْ رَأَى نَاراً ﴾ ظرف لحديث. قوله: (امرأته) أي وهي بنت شعيب واسمها صفورا، وقيل صفوريا، وقيل صفورة، واسم أختها ليا، وقيل شرفا، وقيل عبدا، واختلف في التي تزوجها، فقيل هي الصغرى، وقيل الكبرى، وتقدم ذلك. قوله: ﴿ ٱمْكُثُوۤاْ ﴾ إنما أتى بجمع الذكور، وإن كان الخطاب لامرأته، تعظيماً أو مراعاة لمن معها من الخدم والأولاد. قوله: (وذلك في مسيره) الخ، روي أنه عليه السلام، استأذن شعيباً عليه السلام في الخروج إلى أمه وأخيه بمصر، فخرج بأهله وأخذ على غير الطريق، مخافة من ملوك الشام، فلما وافى وادي طوى، وهو الجانب الغربي من الطور الذي هو بفلسطين، لأنه هو الذي على يمين المتوجه من مدين، وقيل هو الذي بين مصر وأيلة، ورد بأنه على يسار المتوجه من مدين إلى مصر كما هو مشاهد، وقد قال تعالى:﴿ وَنَادَيْنَاهُ مِن جَانِبِ ٱلطُّورِ ٱلأَيْمَنِ ﴾[مريم: ٥٢] ولد له ولد في ليلة مظلمة شاتية باردة، وكانت ليلة الجمعة، وقد أخطأ الطريق، وتفرق ماشيته ولا ماء عنده، وقدح زنده فلم يخرج ناراً، فبينما هو في ذلك، إذ رأى عن يسار الطريق من جانب الطور ناراً، فأمر أهله بالمكث، لئلا يتبعوه فيما عزم عليه من الذهاب إلى النار كما هو المعتاد، لا لئلا يتنقلوا إلى موضع آخر، فإنه مما لا يخطر بالبال، فلما وصل إلى تلك النار التي أبصرها، خاطبه الله وأرسله إلى فرعون، وخلف أهله في الموضع الذي تركهم فيه، فلم يزالوا مقيمين فيه، حتى مر بهم راع من أهل مدين، فعرفهم فحملهم إلى شعيب، فمكثوا عنده، حتى جاوز موسى ببني إسرائيل البحر، وغرق فرعون وقومه، فبعثهم إلى موسى بمصر. قوله ﴿ إِنِّيۤ آنَسْتُ نَاراً ﴾ من الإيناس وهو الإبصار، ومنه إنسان العين لأنه يبصر الأشياء. قوله: ﴿ أَوْ أَجِدُ عَلَى ٱلنَّارِ هُدًى ﴾ أو مانعة خلو يجوز الجمع، وعلى بمعنى عند، أي عند النار. قوله: (وكان أخطأها) أي لأنه سار على غير الطريق، مخافة من ملوك الشام. قوله: (لعدم الجزم بوفاء الوعد) لأنه لا يدري ما يفعل الله به.


الصفحة التالية
Icon