﴿ وَمَن يَعْمَلْ سُوۤءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ﴾ الظاهر أنهما غير ان عمل السوء وظلم النفس وخصوصاً للعطف بأوقاتها تقتضي أحد الشيئين والسوء القبيح الذي يسوء به غيره وظلم النفس ما يختص به كالحلف الكاذب مثلاً.﴿ يَجِدِ ٱللَّهَ ﴾ مبالغة في الغفران كأن المغفرة والرحمة معدان لطالبهما مهيآن له متى طلبهما وجدهما وجاء جواب الشرط مصرحاً فيه باسم الله ولم يأت بالضمير فكان يكون يجده لأن في لفظ الله من الجلالة والتعظيم ما ليس في الضمير ولما تقدم شيئان: عمل سوء، وظلم النفس. قابلهما بوصفين وهما الغفران لعامل السوء والرحمة لمن ظلم نفسه.﴿ وَمَن يَكْسِبْ إِثْماً ﴾ والاثم جامع للسوء وظلم النفس السابقين، والمعنى أن وبال ذلك لاحق له لا يتعداه إلى غيره وهو إشارة إلى الجزاء اللاحق له في الآخرة وختمها بصفة العلم لأنه يعلم جميع ما يكتسب لا يغيب عنه شيء ثم بصفة الحكمة لأنه واضع الأشياء مواضعها فيجازي على ذلك الآثم بما تقتضيه حكمته فالصفتان إشارة إلى علمه بذلك الاثم وإلى ما يستحق عليه فاعله وفي لفظه على دلالة على استعلاء الاثم عليه واستيلائه وقهره له.﴿ وَمَن يَكْسِبْ خَطِيۤئَةً ﴾ ظاهر العطف بأو المغايرة فالخطيئة ما كان عن غير عمد. وعن ابن عباس أنها نزلت في عبد الله بن أبيّ بن سلول حيث رمى بالافك من رمى والبهتان مصدر بهته.﴿ وَإِثْماً مُّبِيناً ﴾ أي ظاهراً لكسبه الخطيئة والاثم، والمعنى أنه يستحق عقابين عقاب الكسب وعقاب البهت وقدم البهت لقربه من قوله: ثم يرم به بريئاً ولأنه ذنب أفظع من كسب الخطيئة أو الاثم ولفظ احتمل أبلغ من حمل لأن افتعل فيه للتسبب كاعتمل.﴿ وَلَوْلاَ فَضْلُ ٱللَّهِ ﴾ عن ابن عباس أنها نزلت في وفد ثقيف قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: جئناك نبايعك على أن لا نحشر ولا نعشر وعلى أن تمتعنا بالعزى سنة فلم يجبهم فنزلت. والهم العزم على الشيء والاهتمام به ويتعدى بالباء كما في قوله:﴿ وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ ﴾[يوسف: ٢٤].
و ﴿ أَن يُضِلُّوكَ ﴾ محذوف منه الباء أي بأن يضلوك وإنْ مع الفعل بتأويل المصدر.﴿ مِن شَيْءٍ ﴾ من زائدة دخلت على نكرة عامّة في سياق النفي أيْ لا يضرونك لا قليلاً ولا كثيراً.﴿ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ ﴾ قال ابن عباس: هو الشرع والنجوى مصدر نجوت أنجو وهي المسارّة بين اثنين فصاعداً، وقيل: جمع نحيّي فإِن كان مصدراً فلا بد في الكلام من حذف إما من الأول تقديره من ذوي نجوى أي أصحاب تناجيهم أو حذف من الآخر تقديره إلا نجوى من أمر وإن كان النجوى جمع نجى فالمعنى لا خير في كثير من القوم الذين يتناجون إلا من أمر فيكون استثناء متصلاً ولا يحتاج إلى حذف.﴿ بِصَدَقَةٍ ﴾ يشمل الفرض والتطوع والمعروف عام في كل بر.﴿ وَمَن يَفْعَلْ ذٰلِكَ ﴾ الإِشارة بذلك إلى الأمر بما ذكر من الصدقة أو المعروف أو الاصلاح. وقرىء فسوف يؤتيه بالياء ففيه ضمير غيبة يعود على الله. وقرىء نؤتيه بالنون وهو التفات من الغيبة إلى التكلم وابتغاء مفعول من أجله ومرضات مصدر بمعنى الرضى.


الصفحة التالية
Icon