﴿ شَعَآئِرَ ٱللَّهِ ﴾ تقدم تفسيرها في البقرة. والشعائر هي ما حرم الله تعالى مطلقاً سواء كان في الإِحرام أو غيره. والشهر الحرام مفرد حلى بألْ الجنسية فالمراد به عموم الأشهر الحرم وهي ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب، والمعنى لا تحلوا بقتال ولا غارة ولا نهب.﴿ وَلاَ ٱلْهَدْيَ ﴾ لا خلاف ان الهدى ما أهدى من النعم إلى بيت الله وقصدت به القربة فأمر الله أن لا يستحل ولا يغار عليه. ﴿ وَلاَ ٱلْقَلاۤئِدَ ﴾ قال الجمهور: هي ما كانوا في الجاهلية يتقلدون به من شجر الحرم ليأمنوا فنهى المؤمنون عن فعل الجاهلية وعن أخذ القلائد من شجر الحرم. ﴿ وَلاۤ آمِّينَ ٱلْبَيْتَ ٱلْحَرَامَ ﴾ قرىء آمى البيت الحرام بحذف النون للإِضافة، ويقال: أممت الشيء أي قصدته، ولا آمين أي لا تحلو منع من قصد البيت الحرام. لحج وعمرة باستيفاء مناسكهما وهذه المعاطف الأربعة مندرجة في عموم قوله: لا تحلوا شعائر الله فكان ذلك تخصيصاً بعد تعميم. ﴿ يَبْتَغُونَ ﴾ جملة حالية. وقرىء ورضواناً بكسر الراء وضمها وهو مصدر رضى رضي ورضواناً. ﴿ وَإِذَا حَلَلْتُمْ ﴾ تقدم شيآن أحدهما تحريم الصيد للحرم لقوله تعالى:﴿ غَيْرَ مُحِلِّي ٱلصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ ﴾[المائدة: ١].
والثاني قوله في الجملة التي تأتي بعدها وهو قوله: ﴿ وَلاۤ آمِّينَ ٱلْبَيْتَ ٱلْحَرَامَ ﴾، فرجع قوله: ﴿ وَإِذَا حَلَلْتُمْ ﴾ للأول. وقوله: ﴿ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ ﴾ وهذا من أجل الفصاحة ومعنى وإذا حللتم أي من مناسك الحج.﴿ فَٱصْطَادُواْ ﴾ هو أمر إباحة لا أمر وجوب لأن الصيد كان قبل الحج حلالاً فمنع منه الحاج فلما زال المانع رجع لأصله من الحل قرأ أبو واقد والجرّاح ونبيح والحسن بن عمران فاصطادوا بكسر الفاء. قال الزمخشري: قيل هو بدل من كسر الهمزة عند الابتداء. قال ابن عطية: هي قراءة مشكلة ومن توجيهها أن يكون راعي كسر ألف الوصل إذا بدأت فقلت: اصطادوا، بكسر الفاء مراعاة وتذكر لكسرة ألف الوصل. " انتهى ". وليس عندي كسراً محضاً إنما هو من باب الإِمالة المحضة لتوهم وجود كسرة همزة الوصل كما أمالوا الفاء في فإِذا لوجود كسر إذا.﴿ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ ﴾ أي لا يحملنكم. يقال: جرمني كذا على بغضك أي حملني. وقرىء شنآن بفتح النون وسكونها وهو البغض. وفعله شني بكسر النون. وذكر له في البحر ثلاثة عشر مصدراً. وقال سيبويه: كل بناء كان من المصادر على فعلان بفتح العين لم يتعد فعله إلا أن يشذ شيء كالشنآن. وقرىء: ان صدوكم بكسر الهمزة حرف شرط وبفتحها على التعليل أي لأن صدوكم. وقوله: ﴿ أَن تَعْتَدُواْ ﴾ أي على الاعتداء أي لا يحملنكم بغضهم على الاعتداء ومن فسر لا يجرمنكم بمعنى لا يكسبنكم البغض فهو يتعدى إلى اثنين أحدهما ضمير الخطاب. والثاني: قوله: ان تعتدوا فالمعنى لا يكسبنكم البغض الاعتداء عليهم.﴿ عَلَى ٱلْبرِّ وَٱلتَّقْوَىٰ ﴾ قال ابن عباس: البر ما أمرت به والتقوى ما نهيت عنه. ﴿ وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلإِثْمِ ﴾ أي المعاصي. ﴿ وَٱلْعُدْوَانِ ﴾ التعدي في حدود الله. ﴿ إِنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ ﴾ تقدم الأمر بإِيفاء العقود وتحليل وتحريم ونهي عن أشياء فناسب أن يختم بالأمر بالتقوى والاخبار بأنه تعالى شديد العقاب لمن أمره ونهاه عن شيء فما انتهى.