﴿ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ ﴾ تقدم الكلام على هذه الأربعة في البقرة. ﴿ وَٱلْمُنْخَنِقَةُ ﴾ هي التي يحبس نفسها حتى تموت سواء أكان حبسه بحبل أو يد أو غير ذلك. والوقد: ضرب الشيء حتى يسترخي ويشرف على الموت. وقيل الموقوذة: المضروبة بعصا أو حجر لا حدّ له فتموت بلا ذكاة ويقال وقذه النعاس: غلبه. ووقذه الحكم: سكنه. التردي: السقوط في بئر أو التهور من جبل. ويقال ردي وتردى: أي هلك. ويقال ما أدري انى ردّي: أي ذهب. ﴿ وَٱلنَّطِيحَةُ ﴾ هي التي ينطحها غيرها فتموت بالنطح. وهي فعيلة بمعنى مفعولة صفة جرت مجرى الأسماء فوليت العوامل ولذلك ثبتت فيها الهاء. ﴿ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ ﴾ استثناء راجع للأنواع الخمسة فما وجد منها به رمق وذكى حلّ الله والتذكية الذبح.﴿ وَمَا ذُبِحَ عَلَى ٱلنُّصُبِ ﴾ النصب جمع نصاب وهي مجارة منصوبة حول الكعبة كان أهل الجاهلية يذبحون عليها لآلهتهم ولها أيضاً وتلطخ بالدماء ويوضع عليها اللحم قطعاً قطعاً ليأكل منها الناس.﴿ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُواْ بِٱلأَزْلاَمِ ﴾ الأزلام القداح واحدها زلم. وزلم بضم الزاي وفتحها: وهي السهام. كان أحدهم إذا أراد سفراً أو غزواً أو تجارة أو نكاحاً أو أمراً من معاظم الأمور ضرب بالقداح وهي مكتوب على بعضها نهاني ربي، وعلى بعضها أمرني ربي، وبعضها غفل، فإِن خرج الآمر مضى لطلبته وإن خرج الناهي أمسك وإن خرج الغفل أعاد الضرب. وذكر هذه المرحمات هو تفضيل لما أجمل في عموم قوله: إلا ما يتلى عليكم وبهذا صار المستثني منه والمستثني معلومين وان تستقسموا هذا معطوف على ما قبله أي وحرم عليكم الاستقسام بالأزلام وهو طلب معرفة القسم وهو النصيب أو القسم وهو المصدر وذكر مع المطاعم لأنهم كانوا يوقعون الاستقسام عند البيت.﴿ ذٰلِكُمْ فِسْقٌ ﴾ الظاهر أنه إشارة إلى الاستقسام بالأزلام إذ كان فيه استخراج شيء من المغيبات التي انفرد الله بعلمها. ﴿ ٱلْيَوْمَ يَئِسَ ٱلَّذِينَ ﴾ اليأس قطع الرجاء. يقال يأس بالهمز بيأس وييئس، ويقال: أيس، وهو مقلوب من يئس ودليل القلب تخلف الحكم عما ظاهره انه موجب له الا ترى أنهم لم يقبلوا ياءه الفا لتحركها وانفتاح ما قبلها فلم يقولوا آس، كما قالوا: هات واليوم الألف واللام فيه للعهد وهو يوم عرفة، قاله مجاهد وابن زيد. وقيل: هو يوم نزولها بعد العصر في حجة الوداع يوم الجمعة ورسول الله صلى الله عليه وسلم في الموقف على ناقته وليس في الموقف مشرك. وقيل: اليوم الذي دخل فيه الرسول صلى الله عليه وسلم مكة لثمان بقين من شهر رمضان سنة تسع، وقيل: سنة ثمان، ونادى مناديه بالأمان لمن لفظ بشهادة الاسلام ولمن وضع السلاح ولمن أغلق بابه. و ﴿ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ﴾ أعم من مشركي العرب وغيرهم. ومعنى: ﴿ مِن دِينِكُمْ ﴾ من تغييره وتبديله إذ كان في حجته تلك صلى الله عليه وسلم كملت شرائع الاسلام، ولذلك قال: ﴿ ٱلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي ﴾ أي في ظهور الاسلام وكمال الدين وسعة الأحوال وغير ذلك مما انتظمته هذه الملة الحنيفية إلى دخول الجنة والخلود فيها. وقيل: بفتح مكة ودخولها آمنين ظاهرين وهدم منار الجاهلية ومناسكهم وأنه لم يحج مشرك ولم يطف بالبيت عريان وانتصب ديناً على الحال. ﴿ فَمَنِ ٱضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ ﴾ المخمصة المجاعة التي تخمص فيها البطون أي تضمر. وقال الأعشي: تبيتون في الشتاء ملاء بطونكم وجاراتكم غرثى يبتْن خمائصأي فمن اضطر لأكل شيء مما ذكر تحريمه في مجاعة فأكل. ﴿ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ ﴾ أي غير متلبس بمعصية ولا مائل إليها فأكل فلا إثم عليه.