﴿ وَإِذْ أَخَذْنَا ﴾ وإذ معطوف على الظروف السابقة وهذه الآيات من الواردة في توبيخ بني إسرائيل.﴿ مِيثَاقَ بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ ﴾ على لسان موسى والأنبياء عليهم السلام أو ما أخذ عليهم في الكتاب المنزل على نبيهم. وقرىء ﴿ لاَ تَعْبُدُونَ ﴾ بياء الغيبة وبتاء الخطاب ولا تعبدوا نهياً وأخذنا ميثاق في معنى القسم ولا تعبدون جوابه﴿ إِلاَّ ٱللَّهَ ﴾ استثناء مفرغ وفيه التفات إذ لو جرى على أخذنا لكان إلا إيانا لكن في هذا الإِلتفات من الفخامة والدلالة على سائر الصفات والتفرد بالتسمية ما ليس في المضمر.﴿ وَبِٱلْوَالِدَيْنِ ﴾ أي الأب والأم ويقال للأم والد ووالدة. والاحسان برّهما واكرامهما وإحساناً مصدر في معنى الأمر أي وأحسنوا ببر الوالدين. وتقدم معمول المصدر على سبيل الاعتناء والاهتمام بأمرهما.﴿ وَذِي ٱلْقُرْبَىٰ ﴾ أي وصاحب القرابة وفي ذلك صلة الرحم إذ هو مشارك للوالدين في القرابة.﴿ وَالْيَتَامَىٰ ﴾ وهم الذين مات آباؤهم ولا قدرة لهم تامة على الاكتساب وجاء أنا وكافل اليتيم لهاتين في الجنة.﴿ وَٱلْمَسَاكِينِ ﴾ وتأخروا إذ يمكن أن يتعهد نفسه باستخدام وإصلاح معيشة وأريد بذي القربى الجنس ولذلك أفرد ذو وإضافته إلى المصدر تدرج الجميع.﴿ وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً ﴾ لما اتبع عبادة الله بالاحسان لمن ذكر وهو فعل اتبع ذلك بالقول ليكون الاحسان بالفعل والقول ولما كان إنما هو مجرد لفظ لا بذل مال كان متعلقة الناس عموماً. وقرىء حسناً وبضم السين وحسناً بفتحتين وحسنى فعلى. و ﴿ إِحْسَاناً ﴾ قال ابن عطية في قراءة من قرأ حسني على فعلى قال: رده سيبويه لأن أفعل وفعلى لا تجيىء إلا معرفة إلا أن يزال عنها معنى التفضيل وتبقى مصدراً كالعقبى فذلك جائز وهو وجه القراءة بها. " انتهى ". وفي كلامه ارتباك كأنه قال: لأن افعل وفعلى لا يجيىء إلا معرفة وليس على ما ذكر اما أفعل فله استعمالات، احدها: أن يكون بمن ظاهرة أو مقدّرة أو مضافاً إلى نكرة، فهذا لا يتعرف بحال بل يبقى نكرة. والاستعمال الثاني: أن يكون بالألف واللام فإِذ ذاك لا يكون إلا معرفة بهما. والاستعمال الثالث: أن يضاف إلى معرفة وفي التعريف بتلك الاضافة خلاف، وذلك نحو: أفضل القوم. واما فعلى فلها استعمالات، احدها: بالألف واللام وتكون معرفة بهما. والثاني: بالاضافة إلى معرفة، نحو: فضلى النساء وفي التعريف بهذه الاضافة الخلاف الذي في أفعل. فقول ابن عطية لأن أفعل وفعلي لا يجيىء إلا معرفة ليس بصحيح وقوله: إلا أن يزال عنها، معنى التفضيل وتبقى مصدراً كالعقبى فذلك جائز ظاهر كلامه ان المعنى إلا أن يزال عن فعلى معنى التفضيل ويبقى مصدراً فيكون فعلى الذي هو مؤنث أفعل إذا أزلت منه معنى التفضيل يبقى مصدراً فليس كذلك بل لا ينقاس مجيىء فعلى مصدراً، إنما جاءت منه ألفاظ يسيرة فلا يجوز أن يعتقد في فعلى التي مذكرها أفعل انها تصير مصدراً إذا زال منها معنى التفضيل.﴿ وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ وَآتُواْ ٱلزَّكَاةَ ﴾ أمر بهاتين العبادتين البدنية والمالية اهتماماً بهما وتوكيداً لأمرهما.﴿ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ ﴾ عما طلب منكم من العبادة والاحسان بالفعل والقول والصلاة والزكاة.﴿ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْكُمْ ﴾ أي أشخاصاً قليلين وهم من آمن حقيقة الإِيمان من أسلافهم وإن كان خطايا لمن بحضرته عليه السلام كان من القليل عبد الله ابن سلام وأصحابه واحتمال القلة في الإيمان لا في الأشخاص كما قاله ابن عطية بعيد. وقرىء إلا قليلاً - بالنصب - وهو الأفصح. وقرىء - بالرفع - وجعله بدلاً من ضمير توليتم لأن في التولي معنى النفي كأنه قال: لم يفوا بالميثاق إلا قليل: قاله ابن عطية. ولا تجيز النحاة البدل من الموجب.﴿ وَأَنْتُمْ مُّعْرِضُونَ ﴾ حال مؤكدة إلا أن اختلف متعلق التولي والأعرض كما قال بعضهم توليتم عن عهد ميثاقكم وأنتم معرضون عن هذا النبي صلى الله عليه وسلم.﴿ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لاَ تَسْفِكُون ﴾ كقوله: ﴿ لاَ تَعْبُدُونَ ﴾ إعراباً وقرىء - بكسر الفاء وضمها - وتسفكون مشدد ومخففاً، أي لا تتعاطون ما يؤدي إلى سفك دمائكم، أو لا يسفك بعضكم دم بعض.﴿ وَلاَ تُخْرِجُونَ ﴾ أي لا يخرج بعضكم بعضاً من داره أي بالاساءة فيضطر إلى الإِخراج.﴿ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ ﴾ بالتزام الميثاق وقبوله.﴿ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ ﴾ أن الله أخذه عليكم.