﴿ وَلاَ تُصَلِّ عَلَىٰ أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَداً ﴾ الآية، النهي عن الصلاة على المنافقين إذا ماتوا عقوبة ثانية لهم وخزي متأبد، وكان عليه السلام فيما روي يصلي على المنافقين إذا ماتوا ويقوم على قبورهم بسبب ما يظهرونه من الإِسلام فإِنهم كانوا يتلفظون بكلمتي الشهادة ويصلون ويصومون، فبنى الأمر على ما ظهر من أقوالهم وأفعالهم ووكل سرائرهم إلى الله تعالى. ولم يزل على ذلك حتى وقعت واقعة عبد الله بن أبيّ. وروي أنس أنه لما تقدم ليصلي عليه جاءه جبريل عليه السلام فجذبه بثوبه وتلا عليه ولا تصل على أحد منهم الآية فانصرف ولم يصل عليه. ومات: صفة لأحد تقدم الوصف بالمجرور، ثم بالجملة وهو ماض بمعنى المستقبل، لأن الموت غير موجود لا محالة نهاه تعالى عن الصلاة عليه والقيم على قبره وهو الوقوف على قبره حتى يُفرَغ من دفنه.﴿ وَلاَ تُعْجِبْكَ ﴾ الآية، تقدم الكلام على نظيرها وأعيد ذلك لأن تجدد النزول له شأن في تقرير ما نزل له.﴿ وَإِذَآ أُنزِلَتْ سُورَةٌ ﴾ الآية، يحتمل أنّ أنْ تكون تفسيرية بمعنى أي. ويحتمل أن تكون مصدرية، أي بالإِيمان. والظاهر أن الخطاب للمنافقين أي آمنوا بقلوبكم كما آمنتم بألسنتكم. و ﴿ ٱسْتَأْذَنَكَ ﴾ جواب إذا. و ﴿ أُوْلُواْ ٱلطَّوْلِ ﴾ الكبراء والرؤساء والطول. قال ابن عباس: الغنى. والمعنى استأذنك أولو الطول منهم في القعود. وفي استأذنك التفات، إذ هو خروج من لفظ الغيبة في قوله: ورسوله، إلى ضمير الخطاب.﴿ وَقَالُواْ ذَرْنَا نَكُنْ مَّعَ ٱلْقَاعِدِينَ ﴾ أي ألزمنا. وأهل العذر وفي ترك لحراسة المدينة. وفي قوله: ﴿ رَضُواْ بِأَن يَكُونُواْ مَعَ ٱلْخَوَالِفِ ﴾ تهجين لهم ومبالغة في الذم. والخوالف: الفساد. والظاهر أن قوله: ﴿ وَطُبِعَ ﴾ خبر من الله تعالى بما فعل بهم، فلأجل الطبع لا يفقهون ولا يتدبرون ولا يتفهمون ما في الجهاد من الفوز والشهادة والسعادة، وما في التخلف من الشقاء والضلال.


الصفحة التالية
Icon