﴿ أَتَدْعُونَ بَعْلاً ﴾ أي أتعبدون بعلاً وثم محذوف تقديره إلهاً وبعل علم لصنم لهم قيل وكان من ذهب طوله عشرون ذراعاً وله أربعة أوجه فتنوا به وعظموه حتى أخدموه أربعمائة سادن وكان الشيطان يدخل في جوف بعل ويتكلم بشريعة الضلال والسدنة يحفظونها ويعلمونها الناس وهم أهل بعلبك من بلاد الشام وبه سميت مدينتهم بعلبك. وقرىء: الله ربكم بالرفع ورفع ما بعده وهو خبر مبتدأ محذوف تقديره هو الله وقرىء بالنصب ونصب ما بعده وهو بدل من قوله: أحسن الخالقين أو عطف بيان وقرىء: آل ياسين مفصولة اللام فيكون ياسين والياس اسمين لهذا النبي وقرىء: الياسين بهمزة مكسورة أي إلياسين جمع المنسوبين إلى إلياس معه كما قالوا في جمع أشعري الأشعرين بحذف ياء النسب.﴿ مُّصْبِحِينَ ﴾ حال أي داخلين في الصباح والخطاب في وإنكم لقريش وكانت متاجرهم إلى الشام على موانىء قوم لوط.﴿ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ ﴾ فتعتبرون بما جرى على من كذب الرسل.﴿ وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ ﴾ هو يونس بن متى من بني إسرائيل روي أنه نبىء وهو ابن ثمان وعشرين سنة بعثه الله قومه فدعاهم مرة فخالفوه فوعدهم بالعذاب وأعلمه الله تعالى بيومه فحدده يونس لهم ثم ان قدمه لما رأوا مخايل العذاب قبل أن يباشرهم تابوا وآمنوا فتاب الله عليهم وصرف العذاب عنهم قيل ولحقت يونس غضبة فابق إلى ركوب السفينة فراراً من قومه وعبر عن الهرب إذ هو عبد الله تعالى خرج فاراً من قومه وروي أنه لما بعدت السفينة في البحر ويونس فيها ركدت فقال أهلها إن فيها لمن يحبس الله السفينة بسببه فلنقترع فأخذوا لكل سهماً على أن من طفا سهمه فهو الذي يرمى به ومن عزت سهمه فليس إياه فطفا سهم يونس ففعلوا ذلك مرات تقع ثلاث القرعة فيها عليه فأزمعوا على أن يطرحوه في الماء فجاء إلى ركن منها ليقع منه فإِذا بدابة من دواب البحر ترقبه وترصد له فانتقل إلى الركن الآخر فوجدها حتى استدار بالمركب كلها وهي لا تفارقه فعلم أن ذلك من عند الله تعالى فترامى إليها فالتقمته وفي قصة يونس عليه السلام هنا جمل محذوفة مقدرة قبل ذكر فراره إلى الفلك كما في الأنبياء وبمجموع القصص يتبين ما حذف في كل قصة منها.﴿ فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ ٱلْمُدْحَضِينَ ﴾ أي من المغلوبين وحقيقته من المزلقين عن مقام الظفر في الاستفهام.﴿ وَهُوَ مُلِيمٌ ﴾ أتى بما يلام عليه واللوم العتب.﴿ مِنَ ٱلْمُسَبِّحِينَ ﴾ من الذاكرين الله بالتسبيح والتقديس.﴿ لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾ أي بطن الحوت روي أنه كان يرفع لحم الحوت بيديه ويقول لأبنين لك مسجداً حيث لم يبنه أحد قبلي وروي أن الحوت مشى به البحار كلها حتى قذفه في نصيبين من ناحية الموصل. وروي أن الحوت سائر مع السفينة رافعاً رأسه يتنفس ويونس يسبح ولم يفارقهم حتى انتهوا إلى البر فلفظه سالماً لم يتغير منه شىء فأسلموا والظاهر أن قوله للبث في بطنه يريد حياً إلى يوم البعث.﴿ بِٱلْعَرَآءِ ﴾ المكان الخالي.﴿ وَهُوَ سَقِيمٌ ﴾ روي أنه عاد بدنه كبدن الصبي حين يولد واليقطين القرع خاصة قيل وهي التي كانت انبتها الله تعالى عليه وتجمع خصالاً هي برد الظل ونعومة الملمس وغطم الورق وإن الذباب لا يقربها وماء ورقه إذا رش به مكان لم يقربه ذباب أصلاً.﴿ وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَىٰ مِئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ ﴾ قال الجمهور رسالته هذه هي الأولى التي أبق بعدها ذكرها في آخر القصة تنبيهاً على رسالته ويدل عليه فآمنوا فمتعناهم إلى حين وتمتيع تلك الأمة هو الذي أغضب يونس عليه السلام واو للإِبهام على المخاطب لا للشك والضمير في فاستفهم لقريش كما في قوله أول السورة فاستفهم والاستفتاء هنا سؤال على جهة التوبيخ والتقريع على قولهم البهتان على الله حيث جعلوا الله الإِناث في قولهم الملائكة بنات الله بالأجسام وتفضيل أنفسهم حيث جعلوا أرفع الجنسين لهم وغيره لله تعالى واستهانتهم بمن هو مكرم عند الله تعالى حيث انثوهم وهم الملائكة بدأوا أولاً بتوبيخهم على تفضيل أنفسهم بقوله:﴿ أَلِرَبِّكَ ٱلْبَنَاتُ ﴾ وعدل عن قولهم الربكم لما في ترك الإِضافة إليهم من تخسيسهم وشرب نبيه عليه السلام بالإِضافة إليه وثنى بأن نسبة الأنوثة إلى الملائكة تقتضي المشاهدة فأنكر عليهم بقوله:﴿ أَمْ خَلَقْنَا ٱلْمَلاَئِكَةَ إِنَاثاً وَهُمْ شَاهِدُونَ ﴾ أي خلقناهم وهم لا يشهدون شيئاً من حالهم ثم أخبر عنهم ثالثاً بأعظم الكفر وهو إدعاؤهم أنه تعالى قد ولد فبلغ افكهم إلى نسبة الوليد إليه تعالى وتقدس ولما كان هذا أفحش قال:﴿ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ﴾ واحتمل أن تخص هذه الجملة بقولهم: ولد الله ويكون تأكيداً لقوله: من إفكهم وقرىء: اصطفى بهمزة الإِستفهام على طريقة الإِنكار والاستبعاد وسقطت همزة الوصل ولا تمد.﴿ مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ﴾ تقرير وتوبيخ واستفهام عن البرهان والحجة.﴿ أَمْ لَكُمْ سُلْطَانٌ ﴾ أي حجة نزلت عليكم من السماء وخبر بأن الملائكة بنات الله.﴿ فَأْتُواْ بِكِتَابِكُمْ ﴾ الذي أنزل عليكم.﴿ وَجَعَلُواْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ٱلْجِنَّةِ نَسَباً ﴾ الجنة الظاهر أنهم الشياطين وعن الكفار في ذلك مقالات شنيعة منها أنه تعالى صاهر سروات الجن فولد منهم الملائكة وهم فرقة من بني مدلج وشافه بذلك بعضهم أبا بكر الصديق.﴿ وَلَقَدْ عَلِمَتِ ٱلجِنَّةُ ﴾ أي الشياطين أنها محصرة أمر الله تعالى من ثواب وعقاب ثم نزه تعالى نفسه عن الوصف الذي لا يليق به.