﴿ وَإِذْ جَعَلْنَا ٱلْبَيْتَ ﴾ الظاهر أنه الكعبة. وقيل: جميع الحرم.﴿ مَثَابَةً ﴾ أي مرجعاً ومكاناً يثوبون إليه والهاء في مثابة، قال الأخفش: للمبالغة لكثرة من يثوب إليه.﴿ لِّلنَّاسِ ﴾ ظاهره العموم.﴿ وَأَمْناً ﴾ أصله مصدر. وجعل البيت أمناً مبالغة لكثرة ما يقع فيه من الأمن والظاهر أن جعله " أمناً " هو في الدنيا، إذ كان العرب يقتتلون ويغير بعضهم على بعض ومكة آمنة من ذلك فيلقى الرجل قاتل أبيه فيها فلا يهيجه، فأمن الناس فيه والطير والوحش إلا الخمس الفواسق.﴿ وَٱتَّخِذُواْ ﴾ قرىء - بكسر الخاء - أي: وقال الله اتخذوا، وهو أمر والمواجه به إبراهيم وذريته. وقرىء - بفتح الخاء - خبراً معطوفاً على جعلنا أي اتخذه الناس لاهتمام إبراهيم به وإسكانه ذريته فيه. والمقام مكان القيام.﴿ مُصَلًّى ﴾ مكان صلاة.﴿ وَعَهِدْنَآ إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا ﴾ يجوز أن تكون أن تفسيرية فسر بها العهد وإثبات كون أن مفسرة يقوله البصريون. وأنكر الكوفيون أن تكون أن تفسرية ويجوز أن تكون مصدرية، وصلت بفعل الأمر. نص سيبويه وغيره: على أن المصدرية توصل بفعل الأمر وفي هذا نظر لأنه إذا سبك من ذلك مصدراً فات معنى الأمر. وجميع ما ذكروا من ذلك محتمل ولا أحفظ من كلامهم عجبت من أن أضرب زيداً ولا يعجبني أن أضرب زيداً. والتطهير المأمور به هو التنظيف من كل ما لا يليق به من طرح القاذورات والانجاس وما لا يناسب كالأوثان والحيّض. إذ هو بيت عظيم من بيوت الله معدّ للعبادات. ولفظ بيتي يدل على سبق وجوده. للطائفين عام فيمن يطوف به من حاضر أو باد. والعاكفين المقيمين به.﴿ وَٱلرُّكَّعِ ٱلسُّجُودِ ﴾ وهم المصلون إذ الداخلون إلى الحرم اما طائف أو مقيم غير طائف أو مصل. وجمعاً جمع تكسير مقابلة لما قبلهما من جمع التصحيح تنويعاً في الفصاحة وخولف بين وزني تكسيرهما تنويعاً في الفصاحة أيضاً، وآخر السجود لأنه أنسب بالفواصل وعطفت تلك الصفتان لفرط التباين بينهما فلم يكن عطف في المتأخرتين لأن المقصود المصلون وان اختلفت الهيآت لأنهما يجمعهما شيء واحد وهي الصلاة وفي ذلك دلالة على جواز الصلاة فرضاً ونفلاً فيه.


الصفحة التالية
Icon