﴿ وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ ﴾ لما أمر باستقبال الكعبة وهو عليه السلام مقيم بالمدينة بين تساوي الحالين في الاقامة والسفر وبين بقوله وحيث ما كنتم تساوي حالهم وحاله عليه السلام في ذلك وختم هذه الآية. بما ختم به تلك الآية السابقة مبالغة في امتثال هذا التكليف العظيم الذي هو تحويل من جهة إلى جهة وهو تعبد محض.﴿ وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ ﴾ توكيد لما قبله وتقرير لهذا النسخ.﴿ لِئَلاَّ ﴾ هي لام كي وان في هذا التركيب واجبة الإِظهار.﴿ يَكُونَ لِلنَّاسِ ﴾ اليهود أو مشركي العرب ونفى الله تعالى أن يكون لأحد على المؤمنين حجة وخبر كان.﴿ لِلنَّاسِ ﴾ و ﴿ عَلَيْكُمْ ﴾ متعلق بما تعلق به للناس وهو كائن وقد أجيز أن يتعلق بحجة بمعنى الاحتجاج وليس بجائز والحجة أن أريد بها البرهان الصحيح فهو استثناء منقطع أي لكن الذين ظلموا فإِنهم يتعلقون بالشبهة ويضعونها موضع الحجة وان أريد بها الاحتجاج بالخصومة واللدد فهو استثناء متصل أي الا خصومة من ظلم أو الا من ظلم بخصومته فيما قد وضح له. كقولك: ما له حجة إلا الظلم. وقد اقطرى الا على الذين ظلموا. جعله بدلاً من الضمير في عليكم، ولا يجوز إلا على مذهب الكوفيين والأخفش. وقال أبو عبيدة: إلا بمعنى الواو وكان أبو عبيدة يضعّف في النحو. وقرىء: الا حرف استفتاح والذين ظلموا مبتدأ خبره فلا تخشوهم، والضمير في فلا تخشوهم يعود على الناس أو على الذين ظلموا وهو أقرب مذكور.﴿ وَلأُتِمَّ نِعْمَتِي ﴾ معطوف على لئلا يكون والمعنى عرفناكم وجه الصواب في قبلتكم لانتفاء حجج الناس عليكم ولإِتمام النعمة، فالتعريف معلل بعلتين والفصل بالاستثناء كلاً فصل إذ هو من متعلق العلة الأولى.﴿ كَمَآ أَرْسَلْنَا ﴾ تشبيه متعلقة. ولا تم أي إتماماً مثل إتمام إرسال الرسول إليكم أو تهتدون اهتداء مثل ارسالنا. وتشبيه الهداية بالارسال في التحقق والثبوت، أي اهتداء ثابتاً متحققاً كتحقق إرسال الرسول. ولو قيل: الكاف للتعليل لا للتشبيه لكان سائغاً أي لارسالنا رسولاً.


الصفحة التالية
Icon