وأيضا: الأول في نفسه شر، والثالث خير، والثاني خير، والثاني ممتزج وأيضا: العارف في أوله ينظر إلى نفسه وأعماله، ثم إلى نفسه وخالقه، ثم لا يرى إلا الخالق ﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَن ذِي ٱلْقَرْنَيْنِ ﴾: الأصــح أنه إسكندر اليوناني الذي طاف بالبيت مع إبراهيم وكان وزيره الخضر، وصفحتنا رأسه من النحاس، وبلغ قرني الدنيا، أي طرفيها، وقيل: هو الرومي الذي قبل المسيح بثلاثمائة سنة، ووزيره أرسطو.
﴿ قُلْ سَأَتْلُواْ عَلَيْكُم مِّنْهُ ﴾: من ذي القرنين ﴿ ذِكْراً * إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ ﴾: أمروه ﴿ فِي ٱلأَرْضِ ﴾: بالتصرف فيها كيف شاء.
﴿ وَآتَيْنَاهُ مِن كُلِّ شَيْءٍ ﴾: أراده.
﴿ سَبَباً ﴾: وصلة إليه من العلم والقدرة والآلة.
﴿ فَأَتْبَعَ سَبَباً ﴾: وصلة إلى المغرب أو طريقا ﴿ حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ ٱلشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ ﴾: مطمح نظره أو حقيقة فإنَّ الشمس في السماء الرابعة، وهي مثل الارض مائة وستين مرة، ولذا ما قال: كانت تغرب.
﴿ فِي عَيْنٍ ﴾: ذات.
﴿ حَمِئَةٍ ﴾: طين أسود، وحامية أي: حارة ﴿ وَوَجَدَ عِندَهَا ﴾: عند العين ﴿ قَوْماً ﴾: كفارًا ﴿ قُلْنَا ﴾: له وحيا إليه أو إلى بني زمانة أو إلهاما: ﴿ يٰذَا ٱلْقَرْنَيْنِ إِمَّآ أَن تُعَذِّبَ ﴾: بالقتل ونحوه ﴿ تُعَذِّبَ وَإِمَّآ أَن تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْناً ﴾: بإرشادهم، فاختار الحسن حيث قال: ﴿ أَمَّا مَن ظَلَمَ ﴾: بإصرار على الكفر.
﴿ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ﴾: بالقتل ﴿ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَىٰ رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَاباً نُّكْراً ﴾: منكراً لم يعهد مثله.
﴿ وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُ جَزَآءً ٱلْحُسْنَىٰ ﴾: أي: الجنة والإضافة بيانية، ونصباً حال، أي: فله الحسنى مجزياً بها ﴿ وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا ﴾: ما نأمر به أمرا.
﴿ يُسْراً ﴾: عملاً لا شاقاً ﴿ ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً ﴾: وصلة إلى الشرق ﴿ حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ ٱلشَّمْسِ ﴾: أول مكان طلوعها من المعمورات ﴿ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَىٰ قَوْم ﴾: هم الزنج.
﴿ لَّمْ نَجْعَل لَّهُمْ مِّن دُونِهَا ﴾: دون الشمس.
﴿ سِتْراً ﴾: من اللباس، أو من الأبنية والأشجار، والمراد دوام طلوعها عليهم في الصيف فوق الأرض، هذا وراء بربرة من تلقاء بلغار تدور الشمس فيه بالصيف ظاهرة فوق الأرض لكن لا تسامته رؤسهم اُسس ذي القرنين.
﴿ كَذَلِكَ ﴾: المذكور في الملك.
﴿ وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْراً ﴾: من كثرة الأسباب ﴿ خُبْراً ﴾: علما.
﴿ ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً ﴾: وصلة بين المشرق والمغرب.
﴿ حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ ﴾: جبلا أرمينية من أذربيجان المبنّي بينهما السد.
﴿ وَجَدَ مِن دُونِهِمَا قَوْماً لاَّ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلاً ﴾: لقلة فطانتهم ﴿ قَالُواْ ﴾: القوم ﴿ يٰذَا ٱلْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ ﴾: قبليتين من ولد يافث، أو يأجوج من الترك، ومأجوج من الجبل ﴿ مُفْسِدُونَ فِي ٱلأَرْضِ ﴾: أرضنا.
﴿ لأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً ﴾: جعلاً ﴿ عَلَىٰ أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدّاً ﴾: يمنعهم عنَّا ﴿ قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي ﴾: من المال والملك.
﴿ خَيْرٌ ﴾: من خرجكم ﴿ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ ﴾: ما اتقوى به من الآلات.
﴿ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْماً ﴾: حاجزا حصينا، وهو أكبر من السدَّ ﴿ آتُونِي زُبَرَ ﴾: قطع ﴿ ٱلْحَدِيدِ ﴾: أي: ناولوني، فلا ينافى ردَّ الخرج فأتوا به.
﴿ حَتَّىٰ إِذَا سَاوَىٰ ﴾: امتلأ.
﴿ بَيْنَ ٱلصَّدَفَيْنِ ﴾: جانبي الجبلين وازى روُسهما بجعل بجعل الفحم والحطب في خلال الزُّبر ﴿ قَالَ ﴾: للعملة: ﴿ ٱنفُخُواْ حَتَّىٰ إِذَا جَعَلَهُ نَاراً ﴾: كالنار بالإحماء ﴿ قَالَ آتُونِيۤ أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً ﴾: نحاسا مُذابا ليشتدَّ ﴿ فَمَا ٱسْطَاعُوۤاْ أَن يَظْهَرُوهُ ﴾: يعلو لملاسته.
﴿ وَمَا ٱسْتَطَاعُواْ لَهُ نَقْباً ﴾: لشدته وثخنه ﴿ قَالَ ﴾: ذو القرنين: ﴿ هَـٰذَا ﴾: السد.
﴿ رَحْمَةٌ مِّن رَّبِّي ﴾: على عباده.
﴿ فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ ﴾: أي: وقت وَعْدِ ﴿ رَبِّي ﴾: بخروجهم أو قرب ﴿ جَعَلَهُ دَكَّآءَ ﴾: مداًّ: أرضًا مستوية، وقصراً: مدكوكاً، مستوٍ بالأرض.
﴿ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقّاً ﴾: كائنا، تمت قصة ذي القرنين. قال تعالى ﴿ وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ ﴾: بعض يأجوج ومأجوج.
﴿ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ ﴾: كموج الماء لكثرتهم.
﴿ وَنُفِخَ فِي ٱلصُّورِ ﴾: القرن كما مرّ ﴿ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعاً ﴾: للمجازاة.
﴿ وَعَرَضْنَا ﴾: أظهرنا.
﴿ جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِّلْكَافِرِينَ عَرْضاً * ٱلَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَآءٍ ﴾: غشاوةٍ ﴿ عَن ﴾: رؤية ﴿ ذِكْرِي ﴾: آياتي اعتبارا.
﴿ وَكَانُواْ لاَ يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً ﴾: لكلامي لصممهم عن الحق.
﴿ أَفَحَسِبَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ أَن يَتَّخِذُواْ ﴾: أي: اتخاذهم.
﴿ عِبَادِي مِن دُونِيۤ أَوْلِيَآءَ ﴾: لا يغضبني؟! ﴿ إِنَّآ أَعْتَدْنَا ﴾: أعددنا ﴿ جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ نُزُلاً ﴾: ما يُهيَّأُ للضيف أوَّلَ نُزُوْله، فكيف بالضيافة؟ ﴿ قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُم بِٱلأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً ﴾: جمع التمييز لتنوع الاأعمال هم ﴿ ٱلَّذِينَ ضَلَّ ﴾: بطل ﴿ سَعْيُهُمْ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً ﴾: لعجبهم وجهلهم.
﴿ أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ ﴾: بطلت ﴿ أَعْمَالُهُمْ ﴾: لكفرهم.
﴿ فَلاَ نُقِيمُ ﴾: نجعل ﴿ لَهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ وَزْناً ﴾: قدراً، أو: نزن أعمالهم لا نحباطها، وأما قوله﴿ وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ ﴾ففي العصاة، الأمر ﴿ ذَلِكَ جَزَآؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُواْ وَٱتَّخَذُوۤاْ آيَاتِي وَرُسُلِي هُزُواً ﴾: لم يعتبروها.
﴿ إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ ٱلْفِرْدَوْسِ ﴾: أعلى الجنة ﴿ نُزُلاً ﴾: كما مرَّ ﴿ خَالِدِينَ فِيهَا لاَ يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلاً ﴾: تحوُّلاً ﴿ قُل لَّوْ كَانَ ٱلْبَحْرُ ﴾: ماؤه ﴿ مِدَاداً ﴾: ما يستمد به الكاتب الكلمات وهي الدالة على حكمه.
﴿ لَنَفِدَ ٱلْبَحْرُ ﴾: ماؤه لأنه متناه.
﴿ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي ﴾: لأنها غير متناهية.
﴿ وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ ﴾: بمثل البحر موجود.
﴿ مَدَداً ﴾: معونةً ﴿ قُلْ إِنَّمَآ أَنَاْ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَآ إِلَـٰهُكُمْ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ ﴾: خُصصْتُ بالوحي.
﴿ فَمَن كَانَ يَرْجُواْ لِقَآءَ رَبِّهِ ﴾: يمطعُ في حُسْن لقائـهِ ﴿ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً ﴾: موافقا للـشرع.
﴿ وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ ﴾: أي: فيها ﴿ أَحَدَاً ﴾: بالرياء، أو طلب أجرٍ، كمن يسره أن يطلع على عمله والمراد: الشرك الخفي، ودل عليه الحديث.


الصفحة التالية
Icon