ولعل القرآن إن كان زائداَ على قدر ما أنزل أن يكون أكثر ما فيه من فرض
الصيام والصلاة والحج ساقطا غيرَ لازم، وإنما زِيد فيه ما ليس منه، فإذا
كان هذا يسدّ علينا طريقَ الأمان من جميع هذه الأمور وفيها إبطال الشرع
والانسلاخُ من الإسلام فلا شبهةَ على مسلمِ في فساد كل قولِ ومذهبِ أدى
إلى ذلك.
وليس لهم أن يحتجوا في دفع هذا بإجماع الأمة على بطلانه، لأن
الإجماع عندهم لا يجب القطع على صوابه وأمانِ الغلط على أهله إذا لم
نعلم دخولَ الإمام المعصوم فيه، ونحن فلسنا نعرف مذهبَ الإمام في هذه
الأبواب ولا نقبل دعواهم، وروايات الشيعة عنهُ مُداهنةَ، لأنهم عندنا كَذَبة
في ذلك، وفيما هو أعظمُ منه، ودعوى التواتر بينهم عن الإمام متعذر وجهل فيمن صار إليه، وهم عندنا قد ضلّوا وفسقوا بأمورِ لا يجوزُ معها قَبول أخبارهم، ولأنهم عندنا وعندهم غيرُ معصومين من الكذبِ والسهو والإغفالِ فيما يروونه عن الإمام إن كان لهذا الإمام أصل وما يروونه عن غيره أيضًا، ولا صحةَ في رواية مَن هذه سبيلُه.
وليس لهم أيضًا أن يقولوا: لو كان الأمر في هذه الشرائع والعبادات
على ما وَصفْتُم لوجب أن يوجد من الأمة قائل بهذا، لأنّ الأمّة كلّها لا
يجوز أن تُضيّعَ الحق والواجب، وتتركه وتعدل عنه قصدا منها وعنادا وغلطا
وجهلا وسهوا وإغفالا، وإنما يجب أن تقوم بالواجب في هذه الأبواب لو
كانت بأسرها حجة أو كان فيها فرقة هذه سبيلُها، ومتى لم يكونوا كذلك لم
يجب أن لا يجوزَ على سائرهم تضييعُ الحق والذهابُ عنه، ولأن فيمن
يُنسب إلى الأمّة ويزعم أنه أحقُّ بهذه التسمية - أعني أنهم أمَّة محمد - ﷺ -