سبحانه بزعمهم قدّم المكّي على المدني في التأليف والترتيب، ونقصوا قوله
(وهي صلاة العصر) من قوله: (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى).
وحذفوا قوله: (ونوائب الدهر، وإن فيه إلى آخر الدهر) من
سورة العصر، وأسقطوا قوله: (والشيخ والشيخة فارجموهما ألبتة بما قضيا
من اللذة نكالا من الله، والله عزيز حكيم)، أثبتوا مع ذلك الحكم وفرضَ
الرجم على المحصنين، وأبدلوا مكانَ قوله: "صراطَ من أنعمت عليهم" ب:
(صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ)، وحذفوا من قوله: (فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ)
"متتابعات"
ذكر التتابع، وحذفوا من قوله: (وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا (٧٩).
قولَه: (صحيحة)، وأبدلوا مكانَ قوله: "ولقد نصركم الله ببدر وأنتم ضعفاء" بقوله: (وَأَنتُمْ أَذِلة).
وأسقطوا من قوله: (حتى تُسلّموا وتستأنسوا) ذكر الاستئناس، أسقطوا من
قوله: (قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ) "أنا أنا أنظر في كتاب ربي
الله، ثم آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك"
في أمثالٍ لهذه الترّهات التي قد رُويت رواية الآحاد عن قومٍ من السلف يطول تتبعها، قد نقلوها من تصانيف أصحاب الحديث ورُواة الشواذّ، وعلّقوها على الصحابة، وادعوا أنّ الأئمةَ والعترةَ الهادية وقفتهم على حذف القوم لها وقصدهم إلى نقصانها، وهي بأسرها موجودةٌ في كتب من صنف القراءاتِ وذكر الشواذّ من الروايات، وقصد إلى الإلباس على الجهال من أتباعهم، وقد بينّا فيما سلف أنه لا غرضَ لعاقلٍ في هذا الباب ولا نفع في عاجل ولا آجلٍ يجري بذلك إليه.
وإذا كان ذلك كذلك ثبت كذبُ هذه الروايات وكذب من ادّعى على القوم اعتمادهم التخليط في التأليف ونقصان ما لا غرضَ في حذفه.


الصفحة التالية
Icon