ولقد كثرت قراءةُ رسولِ الله صلَّى الله عليه والصحابةِ للقرآن وإقراؤهم
إياه وتدارسُه بينهم ومواظبتُهم عليه وكثرةُ دعائهم الناس إليه حتى حفظ كثيراً منه البوادي والوفودُ والأعراب، فضلاً عن المهاجرين والأنصار، فرُوِيَ عن عمرو بن سلمةَ قال: "كنا على حاضرٍ فكان الركبان يمرون بنا راجعين من عند رسول الله - ﷺ -، فأدنوا منهم فأسمع حتى حفظتُ قرآناً كثيراً"، وهذا لا يكون إلا مع كثرة الراجعين بالقرآن من عنده، وانطلاق ألسنتهم به، ولصقه بقلوبهم، وحرصهم على معاودته ودراسته. وفي روايةٍ أخرى عن عمرو بن سلمةَ قال: "كان ركبان يأتوننا من قِبَلِ رسولِ الله - ﷺ - فنستقرئهم فيخبروننا أنَّ رسولَ الله - ﷺ - قال: "لِيَؤمَّكمُ أكثركُم قرآناً" فكنتُ أؤمُّهم وكنتُ من أحدثهم سناً، وكنتُ من أكثرهم قرآناً"، وهذا يدل على حفظ الوفود له وشهرة إمرة القرآن فيهم، وكثرة الحافظين له منهم، ولقد حفظوه من رسول الله - ﷺ - وحفظ كثيراً منه النساءُ والصبيان، لظهورِ أمره وتعاظُمِ قدره وكثرةِ حثِّ الرسول عليه السلامُ وحَضِّه على تعليمه.
قالت عائشةُ رضوانُ الله عليها في قصة الإفك لما قصّتْها وذكرتها لما
نزلت به من القرآن في الوقت الذي أجابت فيه رسولَ الله - ﷺ -: