لأنها ليست من جُملتها، وإن كان قارئُ جميع السور مع بسم الله
الرحمن الرحيم قد ختمَ جميعَ السُّور وضمَّ إليها قرآنا ليس منها، ولو كان
مُسقِطُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ غيرَ خاتمٍ للقرآن لأنه قرأ ما هو أقل عددَ
حروفٍ من عددِ الحروفِ التي قرأها تالي بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ لوجبَ أن يكون قارئُ جميع سُورِ القرآن مع بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ غير خاتمٍ للقرآن إذا قرأه على غير قراءةِ أهل مكة، بل بإسقاط واو الجمع وحذفه في قوله عليهِمُوا وعليكُمُوا وهُمُوا وأنتُمُوا وإليكُمُوا، وما أشبهَ ذلك في جميع سُوَر
القرآن: غيرَ خاتمٍ القرآنَ، لأنه تركَ ما قد اتفِقَ على أنه أصلُ الكلام وتحقيقُ
لفظِه، وقد تَرَكَ بتركِ ذلك حروفا لا تُحصى كثرةً، وقارئُ القرآنِ بحرفِ
أهل مكةَ قد أتى بذلك أجمع.
ولقا لم يجب ذلك وكانت الأمةُ متفقةً على أن قارئَ القرآن على
الوجهين خاتمٌ له لأنّ الله جلَّ ذكرُه جعلَ التلاوتَين ختما لكتابه، كذلك حكمُ خاتمِ القرآن بإسقاط بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، إلا في سورة النمل، وخاتمُه مع تلاوة بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ في فواتح سوره إلا (بَرَاءةٌ منَ اللهِ وَرَسُولِهِ) وحدها، وإذا كان ذلك كذلك بطلَ ما قالوه.
قالوا: فإن قال: أفترون مع قطعِكم على أنّ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ آيةٌ
منزَلةٌ فاصلةٌ بين السور أنّ ثوابَ خاتمِ جميعِ القرآن مع إسقاطه تلاوةَ بسم الله
الرحمن الرحيم كثواب خاتم مع تلاوتها والافتتاح بها؟
قيل له: كثرة الثواب وقِلَّتُه مما لا تعلُّقَ له في هذا الكتاب، ولو قلنا:
إنّ ثوابَ خاتمِه مع الافتتاح ببسم الله الرحمن الرحيم أكثرُ من ثواب خاتمه
مع إسقاطِها لم يدلَّ ذلك على أن من قل ثوابُه ليس بخاتمِ للقرآن، لأنّه قد
يكون له ختمتان، ثوابُ أحدهما أكثرُ من ثواب الأخرى، على أنّ هذا مما لا


الصفحة التالية
Icon