الدواعي على إخبارِهم به ومواصلةِ ذكرِه على أسماعهم وأخذهم معرفَته.
وإذا كان ذلك كذلك ساغَ أن يختلفوا في بعضِ القرآنِ هل هو مكّيّ أو
مدني، وأن يُعمِلُوا في القول بذلك ضرباً من الرأي والاجتهاد، وإن كان
الاختلافُ زائلاً عنهم في جُلِّهِ وكثيرِه، وإذا كان ذلك كذلك لم يلزمْ أيضاً أن
يُنقلَ عن الصحابةِ نقلاً متواتراً ذكرُ المكّيّ والمدنيّ، ولم يجب أيضاً على
الصحابة وعلى كل داخلٍ في الإسلام بعدَ الهجرة وعندَ مستقَرّ النبى - ﷺ - في المدينة أن يَعرِفَ أنّ كل آية أُنزلت قبلَ إسلامه مكيةٌ أو مدنيةٌ، يجوز أن يقفَ في ذلك أو يَغلِبَ على ظنه أحدُ الأمرين، وإذا كان ذلك كذلك بطلَ ما توهموه من وجوبِ نقل هذا وشهرته في الناس ولزومِ العلمِ به لهم والتفريطِ بالتخلّف عن علمِه ووجوبِ ارتفاعِ الخلافِ والنزاعِ فيه.
وقد روى شُعبةُ عن قتادةَ ويزيدَ النحوي عن عكرمةَ والحسنِ بن أبي
الحسن قال: قال قتادةُ: "إنّ الذي أُنزل بالمدينة البقرةُ وآلُ عمرانَ والنساءُ
والمائدةُ، وآية من الأعراف: (وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ)، والأنفالُ والرعد، غير أن فيها مكّيا، (وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ)، إلى آخرها، ومن إبراهيم (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ (٢٨).
إلى آخر السورة، والحجُّ غيرَ أربع آيات
أولُهن: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٥٢).
إلى قوله: (وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ).
والنورُ وعشرة من العنكبوت، والأحزابُ والحمدُ والفتحُ والحجراتُ والرحمنُ والحديدُ والمجادلةُ والحشرُ والممتحنةُ والصفُّ والجمعةُ والمنافقون ويا أيها النبي إذا طلقتم النساء


الصفحة التالية
Icon