ويا أيها النبيّ لم تحرّم، ولم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب، وإذا زلزِلت، وإذا جاء نصرُ الله، وبقيةُ السور مكيّ كلّه ".
وروى شعبةُ عن قتادةَ هذا الحديثَ على سياقِ ما ذكرناه، وذكرَ ابنَ
مسعودٍ أنه قال: "كلّ شيءٍ في القرآنِ (يا أيها الناس) أُنزِلَ بمكة"، وذكر
ذلك عن علقمة، وذكر عن علقمةَ قال: "كلّ شيءٍ في القرآنِ (يا أيها الذين
آمنوا) مدنيّ ".
والرواياتُ عنهم في ذلك كثيرة، ولا يُعرَفُ منها ما يرفعونه
عن الصحابة عن النبي - ﷺ -، والسببُ في ذلك ما قدّمناه من أنه لم يكن منه - ﷺ - في ذلك نصق على تفصيلِ ذلك وقول قاطع، ولا هو مما عُنِيَت الصحابةُ بذكره للتابعين وإن كان قد ذَكَرَه منهم القُرّاء ومَن انتصبَ لذلك لمَن أقرأه القرآنَ إذا سُئل عن الآية ِ والسورة، غيرَ أنّ ذلك لم يقع وقوعاً ظاهرأ منتشراً.
وإذا كان ذلك كذلك بطل ما توهّموه قادحاً في نقلِ القرآن وعائداً
بالطعن عليه، وأنّ هذا الذي ذكرناه هو الذي يمنعُ تجويزَ كونِ قرآنٍ كثيرٍ
أنزله الله تعالى على رسوله صلى الله عليه وإن كانَ لا سبيلَ لنا إلى العلم
والقطع على أنه قرآن مُنَزل من الله سبحانهُ على رسولهِ، وأنّنا لا نأمَنُ أن
يكونَ عندَ عليّ أو أُبيّ وعبدِ الله بن مسعود أو بعضِ آحادِ الأمة عشرُ اَياتٍ أو عشرُ سُوَرٍ بيّنها الرسولُ له وحدَه، دونَ جميعِ الأمة، وأنّ مُدّعي ذلك مُبطِل لا شبهةَ علينا في كذِبِه لعلمنا بعادةِ الرّسول في بيانِ جميع ال منزَل عليه.
وإذا كان ذلك كذلك وجبَ أن نعلمَ بهذا الدليل قطعا أنّ بسم الله
الرحمن الرحيم ليست بقرآنٍ مُنَزلٍ في غير سورةِ النمل، وأنّها ليست من
جُملةِ كل سورة، ولا أنّها فاصلة بين السورتين، لأنّها لو كانت آيةً منزلة إمّا
على أن تكونَ مفرَدةً فاصلةً بين السورتين أو على أن تكونَ من جُملةِ كلِّ