أنه قال: "قَدِمَ ناس من أهل العراق إليَّ فقالوا: إنا قد أعمَلْنا إليك المُطِيّ
، من العراق، فأخرِج لنا مصحفَ أُبيّ، فقُلت لهم: قد قبضه عثمانُ، فقالوا: سبحانَ الله! أخرجهُ إلينا، فقلت: قد قَبضَه عثمان.
وروى صدقةُ بن زياد عن أبي نُعَيم عن الطُفَيل بن أُبي بن كعب أنه قال: قَدِمَ أربعةُ نفرٍ من أهل الكوفة بعدَ وفاة أُبى في خلافة عثمان فقالوا: إنا قدمنا إليك لتُخرِج إلينا مصحف أبيك لنَنظُر فيه، فإن أباك كان أعلم الناس بالقرآن، فقُلت: قد قبضَه عثمانُ، فقالوا: سبحان الله! ما لعثمانَ ولمصحفِ أبيك؟
قلت: ما لعثمانَ ولكن عمرَ بن الخطاب حَزقها".
فهذا يُنبِىءُ عن قبض عثمان لمصحف أُبي على ما قد بيناه مِن قبلُ.
وعلى ما ذكرناه من شدة حرصِ أهل العراق وطَمَعِهم في أن يَعثرُوا على
مصحفٍ يُخالِفُ مصحف عثمان، فقد يجوزُ إذا كان ذلك كذلك وتحدث
متحدث وقال: إتي رأيتُ عندَ أنسِ بن مالكٍ أو غيره مصحفاً هو مصحَفُ
أُبي فيه دعاءُ القنوت: أن يُكثِرَ أصحابُ عبد الله ذكر ذلك ويجعلوه حجةً في
الامتناع من تسليم مصحفِ عبد الله وغيره من المصاحفِ المخالفة لمصحف
عثمان، لظنّهم صدقَ هذا الراوي وإن لم يكن لذلك أصل، وإذا كان ذلك
كذلك بطلَ التعلق بهذه الروايةِ الشاذّةِ الموجبة لخلاف ما عليه العادةُ في
شُهرة ذلك عن أُبي وما هُو عليه من معرفة القرآن وحُسن تلقّيه ووجوب علمه ومعرفته بتمييزِه مِن غيره.