القرآن وجب نقلُه وظهورُه، كذلك لما كان منه نص وتوقيفٌ على سُوَر
القرآن وجب نقلُه وظهورُه، وكذلك لمَّا كان منه نصّ وتوقيفٌ على وجوب
ترتيب آيات كل سورة من السور والمنع من تقديمِ كتابة بعضِها على بعض
وتلاوة بعضِها قبل بعضِ: نقِل ذلك عنه وظهر، واتفقت الأمَّة على وجوب
ترتيب الآيات ِ وحَظْرِ تقديم بعضِها على بعضِ وتغييرها في الكتابة، والتلاوةُ
وغيرُ ذلك، فكذلك لو كان منه صلى الله عليه توقيفٌ على ترتيب سور
القرآن لنُقِل ذلك عنه، وعُرِف من دينه، ولم يُختَلف في تأليفِ السور في
المصاحف الاختلاف الذي قدّمناه، فوجبَ بذلك أنه لا توقيفَ من الرسول
صلى الله عليه على ترتيبِ تأليف سُور القرآن.
ومما يدلِّ أيضا على صحة ما قلناه ويؤكّده ما رواه يزيذ الرقاشي عن
ابن عباسِ قال: فلت لعثمانَ بن عفان: ما حمَلَكم على أن عمدتم إلى
الأنفال وهى من المثاني وإلى براءة وهي من المئين فقرنتم بينهما ولم تكتبوا
بينهما سطر بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ووضعتموها في السبع الطِّوال، فقال
عثمان: "كان رسولُ الله - ﷺ - يأتي عليه الزمانُ وهو ينزلُ عليه من السُّور ذوات العدد، فكان إذا نزل عليه الشيءُ دعا من يكتب له فيقول: "ضعوا هذا في السورة التي يُذكر فيها كذا وكذا"، وإذا نزلت عليه الآيات قال: "ضعوا هذه الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا"، وإذا نزلت عليه الآيات قال: "ضعوا هذه الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا"
قال: وكانت الأنفال من أول ما نزلَ بالمدينة، وكانت براء" من آخر القرآن
فكانت شبيهةَ بقصتها، فظننت أنّها منها، وقُبض - ﷺ - ولم يبيّن أنّها