وسائر أهل عصره، ولم يَجُز أيضاً أن يُضاف ذلك إليه في المعوذتين خصوصاً
من بين سائر القرآن كما لا يجوزُ أيضا أن يُضاف شيءٌ من هذا إليه في البقرة
وآل عمران وكُلِّ ما لم يكن فيه قول منه.
يُقال له: أما هذا الذي قلتَه فصحيح لا شك فيه، ولا بد من أن يكون قد
كان منه سبب يقتضي تعليق ذلك عليه وإضافته إليه، أو كان من غيره أمرٌ
واجب عنده أن يكونَ منه في أمرهما شيء يسُوغُ مع مثله افتعالُ الكذب عليه
أو التوهمُ والغلطُ عليه، والذي كان منه عندَنا في هذا الباب أمور، منها:
- أنه أسقط المعوذتين من مصحفه ولم يرسمهما فيه، فتوهم لأجل ذلك
عليه قوم من المتأخرين الذين لم يعرفوا ما دعاه إلى ذلك أنه إنما أسقطهما
لكونهما غير قرآن عنده.
- ومنها: أنه قد رُوِيَ عنه أنَّه حك من المصحف شيئاً رآه فيه لا يجوز
عندَه إثباتُه فظن من سمع ذلك - مع سماعه أنَّه لم يكن يثبتُ المعوذتين في
مصحفه - أنّه حكّهما من مصحف غيره، وقد ذكِرَ في بعض الروايات أنّه
حكهما ولم يقُل الراوي المعوّذتين بل بهذا اللفظ، وقال: "لا تخلطوا به ما
ليس منه "، فظنّ سامعُ ذلك أنّه حكّ المعوذتين.
- ولعلّه أن يكونَ حكّ حرفين أو كلمتين الفاتحة والخاتمة لأن منه من
كان يكتبُ فاتحة كذا وخاتمة كذا، وكان هو يُنكر ذلك ولا يراه.
- وقد يمكنُ أيضاً أن يكونَ بعضُ الناس سأل عبد الله بن مسعود عن
عَوذةٍ من العُوَذ رواها عن رسول الله فظنّ السائلُ عنهما أنهما من القرآن.
فقال عبدُ الله: "إن تلك العَوذةَ ليست من القرآن "، فظن سامعُ ذلك أو من
روى له عنه أنه قال ذلك في المعوّذتين.


الصفحة التالية
Icon