ثم رَوَيتم بعدَ ذلك كلِّه ما ينقضُ ما روَيتمُوه أولاً! لأنكم قد رَوَيتُم عن
النبي - ﷺ - أنه قال: "أُنزِلَ القرآنُ على أربعةِ أحرفٍ "، وأنه قال مرةً أخرى: "أُنزل القرآنُ على ثلاثةِ أحرفٍ "، وهذا ينقضُ أن يكونَ أُنزِلَ على سبعةِ أحرف.
وهذا كله يدلُّ على أنّ أمرَ القرآنِ لم يكن مشهوراً عندَهم ولا كان
عُذرُهم بيناَ منقطعاً، وأنّهم لم يعلموا في جميعِ ما كانوا فيه على نصِّ
الرسول في ذلك، بل اجتهدوا واستحسنُوا واستعملوا غالبَ الظنِّ والرأيِ
وتغيروا وتأمَّروا وعدَلوا عن معرفةِ الصواب وأخذِ الأمرِ عن أهلِه، ومن أُمِرَ
بالرجوعِ إليه، وأن لا يُفرِّقوا بينَ الكتابِ وبينه حيثُ قال لهم صلَّى الله عليه: "إئي مُخلِّف فيكم الثَقَلَينِ وما إن تمسكتُم به لم تضِلوا: كتابَ الله وعِتْرَتي
أهلَ بيتي، ألا وإنهما حبلانِ ممدودانِ ولن يَفْترِقا حتّى يَردا عليَّ الحوضَ ".


الصفحة التالية
Icon