الأحرفِ السبعةِ يُقرأُ على ثلاثةِ أوجهٍ كلها جائزة، وبعضُها يُقرأُ على أربعةِ
أوجهٍ تسمى أحرفا كلها جائزة، فيكون قولُه: أنزل على أحرفٍ وأربعةِ أحرفٍ منصرفاً إلى وجهين من وجه القراءات السبعة، يُقرأُ أحدُهما على ثلاثة أوجهٍ والآخرُ على أربعةِ أوجه، وإذا كان ذلك كذلك بطلَ ما توهموه من التعارض.
ويُحتمل أيضاً أن تكونَ الثلاثةُ الأحرفُ والأربعةُ اللاتي خبَّر في هذين
الخبرَين وأن القرآنَ أُنزل عليها غيرُ الأحرفِ السبعة التي خبَّر فيها، وليسَ
يمتنعُ أن يُنزَلَ القرآنُ على سبعةِ أحرفِ ويُنزَلَ أيضا على أربعةِ أحرفٍ وثلاثةِ
أوجهٍ أُخَرَ غيرِ الأربعةِ وغير السبعة على ما نبينه فيما بعد، وإذا كان ذلك
كذلك سقطَ ما توهموا من تعارضِ هذه الأخبار وتنافي موجبِها.
وأما قولُهم: كيف يكون أمرُ القرآنِ ظاهراً مشهوراً وعُمرُ وأُبيّ وعبدُ الله
يُناكِرُون من قرأ خلافَ قراءتِهم وينافرونَه ويرافعونه إلى الرسول، وقد قُلنا
في ذلك من قبلُ ما يُغني عن إعادته، وهو أن الرسولَ كان يُقرئهُم قراءةً مِن
وجهٍ من السبعة الأحرف، ولم يكُنْ كل واحدِ منهم يعرفُ جميعَها ولم تكن
الأخبار بذلك ظهرت واستفاضت بجميع ما يُقرئُه الرسولُ على الأوقات.
فلذلك أنكروا خلافَ ما لُقِّنوه عن الرسول.
ويُحتمَلُ أن يكونَ الرسول كان يقرىءُ عمرَ وأُبيّا وعبدَ الله بوجوهٍ
وأحرفٍ جائزةِ قبلَ نزول هذه السبعةِ الأخَرِ التي خبَّر الرسولُ عنها، ثم نزَلت هذه الأحرفُ وأقرأ بها رسولُ الله صلَّى الله عليه وقتَ نزولِها أو يومَ ذلك، ولم يكن انتشر عنه، فلمَّا سمعَ القومُ ذلك أنكروه واحتاجوا إلى البحثِ عنه وسؤالِ الرسول عن صحته.
ويُحتمَلُ غيرُ هذا مما لعلَّنا أن سنذكُرَه فيما بعد إن شاء الله، وإذا كان
ذلك كذلكَ بطلَ قدحُهم في ظهور نقل القرآن بإنكار هذه الفرقة ما لم يكن


الصفحة التالية
Icon