صحتِه ووُفُورِ نِعَمِه، ومنهم من يعبُده على الشدةِ والبأساء والرجاء، وكيف
تصرفت به الأحوال، لأنه عنده أهل لأن يعبُدَه مع التفضلِ والامتحانِ وعلى
الخيراتِ والإنعام.
وقد قيلَ: إن معنى قوله تعالى: (يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ) أي على شك
وغيرِ استبصار وطمأنينة، وجعلُ الحرفِ مثلا لقلةِ الطمأنينة، كما يقال فلان
على شفا جُرُف، إذا كان غير متمكن في الأمر، قال أبو عبيد: وكل شاك في شيءٍ فهو على حرف.
وقيل: إن الآية نزلت في أعاريبَ من بني أسَد أسلموا على يد النبي
- ﷺ -، فكانوا إذا سَلِمَتْ مواشيهم وأُعطوا من الصدقة استقاموا على الإسلام، وإذا لم يعطَوْا وهلكت مواشيهم ارتدوا عن الإسلام، وهو العبادةُ لله سبحانه أيضاً عباد له على وجه وطريقةٍ هي الشك وعدمُ اليقين، ومخالفة لعبادتِهِ باليقين، والصبر على البأساء والضراء، فلا معنى لقول من زعموا أن الوجهَ لا يُسمّى حرفا.
وإذا كان ذلك كذلك ثبتَ أن الوجهَ والطريقةَ التي لا يقعُ الشيء عليها
تُسمّى في اللغة حرفا، فوجبَ لذلك أن يكون قولَه سبعةُ أحرفٍ أنه أنزلَ على سبعةِ أوجهٍ وسبعِ لغاتٍ وسبعِ قراءاتٍ مختلفة، والاختلافُ فيها إما أن يكون
في تبيينها وصوريها، أو في معناها بحركةٍ أو إمالةٍ أو وجهٍ من وجوه
الإعراب بغير معناها، وإن كانت الصورةُ في الكتابة بعينها غير مختلفةٍ على
ماسنبيّنه من بعدُ إن شاء الله.
ومما يدل على صحةِ هذا التأويلِ قولُ الناسِ إنَّ هذه الكلمةَ مقروء في
حرفِ أبي بكر أو في حرفِ عبد الله بغير هذا، وفي حرف زيدٍ والجماعةِ