بخلاف حرفِ عبد اللهِ وأبيّ، وإنما يعنون بذكر حرفِ كل واحدٍ منهم قراءَتَه
واللغة التي يختارُها، والقراءَةَ التي اجتباها وآثرها على غيرها.
وإنما سُميَت القراءة حرفا، وإن كانت كلاماً كثيراً، لأن منها حرفا غُيِّر
نظمُه أو كُسِر وقُلِب إلى غيره أو أميلَ أو زيدَ أو نُقصَ أو قُلِبَ نحو قيّوم، إذا
قلبت فقيل قيّام، وقد جُعلت الواو من قيوم ألفا، فينسب القراءُ واو الكلمة
الثابتة إلى الحرف المغيَّر المختلف الحُكْمِ من القراءتين، وممّا يدل أيضاً
على صحة ما قلناه ويزيده وضوحا أنّ الناس اختلفوا في تأويل ما رُويَ في
ذلك على وجوه:
فقال قومٌ السبعةُ الأحرف: حلالٌ وحرام وأمر ونهي وموعظةٌ وقصص
وأدب، وقال قوم: محكمٌ ومتشابهٌ وقصَص، وقال آخرون: تأويل الأحرف
أنها سبعةُ أنواعٍ من الكلام، خبر واستخبار وأمر ونهي وتمنٍ وتشبيه وجحد.
وقال قوم: معنى الأحرفِ أنّها سبعة أسماءَ تترادف على الشيء الواحدِ
يكونُ معناها واحداً، واختلفت صُوَرُها مثلُ قولك أقبل وهلُمَّ وتعالَ وجيءَ
واقْصُد وتقدَّم وادْنُ واقْرب، وما جرى مجرى ذلك، وقال آخرون: معنى
الأحرف أنها أسماءٌ وصفاتٌ لله تعالى، مثل عليمٌ حكيم وسميع عليمٌ وبصيرٌ
وعزيزٌ حكيم، وأمثال ذلك.
وقال قوم: الأحرفُ المذكورةُ في الخبر: وعد ووعيد وحلالٌ وحرام
ومواعظُ وأمثالٌ واحتجاج، وقال آخرون: معناها حلالٌ وحرامٌ وأمر ونهى
وخبرُ ما كان قبل وخبر ما هو كائن بعد وأمثال، وقال آخرون: معناها سبعُ قراءات بلغاتٍ سبع في حرف واحد، إما بتغييرِ إعرابِ سبعِ جهاتٍ أو في حرفٍ للسبعِ لغاتٍ بغير تغييرِ إعرابٍ بل بصور مختلفةٍ أو زيادةٍ أو نقصان.