أدخلوا بعضَ هذه الأقسام في بعض، فقالوا الكلامُ خمسةُ أنواع، وقالوا أكثر
من ذلك شيء كثير، ثم حصروا ذلك بأن قالوا: خبر واستخبارٌ وأمر ونهيٌ.
ودعاء دخل في الأمر نحوَ قولك: اللهم افعل بي كذا وكذا، وجَحدٌ دخل في
الخبر نحوَ قولك: ما قامَ زيد، وكذلك القسمُ خبر، والإعرابُ داخل في
الأمر، والتمني داخل في الطلب، فمنهم من يقول الذي يحيط بجميع
ضروب الكلام خبر واستخبار وأمر ونهي، وإذا كان ذلك كذلك بطل قولُهم
إن السبعةَ الأحرفَ هي هذه الأقسام، لأنّها أربعة على التحقيق بَدَلَ السبعة.
فبانَ فسادُ ما قالوه من أنَّه لا معنى للسبعةِ الأحرف المذكورة إلا هذا.
ولكن يمكن أن تكون هذه سبعة أحرفٍ أنزلت على ما فسّره الرسول
جمييه، وهي غير السبعةِ التي صوّب المختلفين فيها من الأوجه والقراءات.
فحصرُ أوجهِ السبعة بأربعة أوجهٍ لا يدلُّ على فساد هذا التأويل.
وأما ما يدل على فساد قول من زعم أن معنى الأحرفِ السبعةِ أنَّها أسماء
مترادفة على شيء واحد، إنَّ ذلك لو كان كذلك لوجبَ أن يكون القرآنُ
منزلاً على أكثرَ من سبعةِ أحرفٍ وعلى أقل منها أيضا، لأنّ من الأشياء التي
ذكرها اللهُ تعالى أكثرُ من سبعةِ أسماءٍ في اللغة، ومنه ما له أقلُّ من سبعةِ
أسماء، ومنه ما لا اسم له إلا واحداً، فبطل ما قالوه.
فإن قيل: أراد بذلك أن الأسماءَ التي ذكَرها اللهُ تعالى وأودعَ اسمَها
كتابهُ ما ذكَرَه لسبعةِ أسماءَ من أسمائِه فقط وإن كان له أكثرُ من تلك
الأسماء، قيل لهم: هذا فاسد لأنّنا لا نعرف في شيء مما ذكره اللهُ تعالى
، مما له سبعةُ أسماءَ ذكره اللهُ تعالى بها في موضعٍ واحدٍ أو في مواضعَ
متفرقة، وإن كان ذلك كذلك سقط ما قالوه.