العظام، ثم مرّ في ذكرِ أخبارِ ورواياتِ عن الأماثلِ في تفضيل عثمانَ في هذا
الباب إلى أن قال: "فالذي ألفه عثمانُ هو الذي بين ظهراني المسلمينَ
اليوم، وهو الذي يُحكمُ على من أنكر منه شيئا بما يُحكم على المرتدّ من
الاستتابة فإن أبى فالقتل ".
فأمّا ما جاءَ من هذهِ الحروفِ التي لم يؤخذ علمها إلا بالإسنادِ والرواياتِ
التي يعرفُها الخاصةُ من العلماء دونَ عَوام الناس، فإنما أرادَ أهلُ العلم منها.
أن يستشهدوا بها على تأويل ما بين اللوحين، ويكونُ دلائلُ على معرفةِ
معانيهِ وعلمِ وجوهه، قال: "وكذلك قراءةُ حفصةَ وعائشة: (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى) (صلاة العصر).
وكقراءةِ ابنِ مسعودٍ: "والسارقونَ والسارقاتُ فاقطعوا أبدانهم"، ومثلُ قراءةِ أُبي بن كعب: (فإن فاءوا "فيهن")، وكقراءة سعد: (فإن كان له أخ أو أخت "من أمه")، وكما قرأ ابنُ عباس: (لا جناح عليكم أن تبتغوا فضلاً من ربكم "في مواسم الحج").
وكذلك قراءةُ جابر: (فإن الله من بعد إكراهِهِنّ "لهُنّ" لغفور رحيم)، فهذه
الحروفُ وأشباهٌ لها كثير قد صارت مفسرةً للقرآن، وقد كانوا يَرْوونَ مثل
هذا عن بعض التابعينَ يعني بذلك استجازة كتابة التفسير مع الآية، ثم هل في
كلامٍ هذا معناه من تضعيفِ هذه الروايات تارة، وأنها ليست توجبُ علماً، بأن ما رُوي قرآن منزل يجبُ إكفارُ من جَحدَةُ واستتابتهُ وإلا قُتل كالمرتد، ويكونُ بمثابةِ ما يعلمُ أنه قرآن، مما ثبت بين اللوحين، ومن أن العلماءَ إنما احتملوه إن صح عندهم على وجهِ التفسيرِ بهِ لمعاني القرآن، وإذا كانَ ذلكَ كذلكَ ثبتَ أنّ أبا عبيدِ يعتقدُ في هذه الأخبارِ ما يُعتقدُ من أنّ الحجَّة لم تقم بها، وأن معناها إن صحَّت بعض ما ذكرناه، وهذا رأيُ جميعِ أصحابِ الحديث وفِرق المسلمين الرواة لهذهِ الأخبارِ من مخالفي من يَدّعي الزيادة - فيه والنقصان منه.