الأحكام، وأجبنا عن ذلك بما قطعَ شغَبكُم، وأنتم الآن قد التجأتُم عندَ حيزِ
النظر وتحقيق الأمرِ إلى الاعتراف والإذعان بأن حال الروايات الواردة بهذه
الأحرف الشواذ والكلمات الزائدة في أنها غيرُ مقطوعٍ على صحتها، ولا مما
ظهر أمرُها واتُفق عليها، فوجب الاعترافُ بأنها قرآنٌ منزلٌ حال الرواية
بسورة ألهاكم، والعصر، وهكذا يفعلُ الله سبحانهُ بمن حاول الطعن في
الدين والقَدح في أئمةِ المسلمين وإيقاعَ الشكوك واللبس في التنزيل.
دليلٌ لهم آخر: وقد استدلّ قومٌ منهم على تغيير الأمة للقرآن، وفساد
نظمه وتحريفه والنقصان منه والزيادة فيه بما رُوي عن النبى صلى الله عليه أنهُ
قال: "لَتسلُكُن سنَنَ الذين من قبلكم حَذوَ النعلِ بالنعل، والقُذة بالقُذة حتى
إن أحدهُم لو دخل جُحر ضبٍ لدخلتمُوه، قيل يا رسولَ الله: اليهودُ والنصارى، قال: فمن إذن، ".
قالوا: وقد صح أن اليهود غيرت كتاب الله وحرفتهُ ونقصت منه أشياء كانت فيه، وزادت فيه أشياء ليست منه، وأن النصارى
أيضا حرَّفت الإنجيل وغيرته وأفسدته، بخلط ما ليس منه وإسقاط ما هو
منه، وقد خبره الله تعالى بذلك من أمرهم، فقال تعالى: (وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (١٤٦) الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (١٤٧).
وقال تعالى: (فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ (٧٩).
وقال تعالى: (وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (٧٨).