على تحريف كثيرِ من الأمة للقرآن وتغييره، نعوذُ بالله من الجهل والعناد
وقصد التمويه والإلباس.
ثم يقالُ لهم: لو سلمنا لكم صحة هذا الخبر ووجوب القطع على ثبوته
لم يكن لكم فيه متعلّق من وجوه:
أحدها: أنه لو قال صلى الله عليه: "لَتَسلُكُن سنَنَ الذين من قبلِكم حَذوَ
النعلِ بالنعل، والقُذة بالقُذة إلا في تَغيير القرآن، وإفساد الدين، وعبادة
العجل والمسيح، وكذا وكذا" لصح ذلك وجاز، ووجب أن يُعتقدَ عمومُ
سلوكِهم لسنَنَهم إلا فيما استثناه، وإذا كان ذلك كذلك، وكان قد ورد عنه ما هو قائم مقام هذا الاستثناءِ وأبلغَ منه وجب الحكمُ بما قالهُ من ذلك، وقد وردَ عنه صلى الله عليه من الجهات المختلفة والطرق الواضحة المشهورة عن الثبت ورُوداَ متواتراً على المعنى، وإن اختلفَ اللفظ: "أن الأمة لا تجتمعُ
على ضلال ولا خطأ"، فوجب أن تكون ما شهدت بأنه حق أو باطل، فإنه
على ما شهدت به، فرُوي عنه صلى الله عليه أنه قال: "سألتُ الله تعالى أن
لا يجمع أمتى على ضلالِ فأعطانيها".
وأنه قال: "أمتي لا تُجمع على خطأ، ولا تزالُ طائفة من أمتي على الحق حتى يقاتلوا الدجال".
وفي خبرِ آخر: "حتى يأتي أمرُ الله وهم على ذلك".
وفي خبرِ آخر: "على الحق لا يضرهم خِلافُ من خالفهم إلا ما أصابهم من لأواء"،