ثكلتكُم أمهاتكم أو لم تكن التوارةُ والإنجيلُ في بني إسرائيل ثم لم تُغْنِ عنهم شيئاً، إن ذهاب العلم ذهابُ حمَلته ".
وروى أيضاً القاسمُ بنُ عبد الرحمنِ عن أبي أمامة أن رسول الله - ﷺ - وقف في حِجّة الوداع وهو مُردفٌ الفضل بنَ عباسٍ على جمل آدم، فقال: "يا أيها التاسُ خذوا العلم قبل رفعه وقبضه ".
قال: "وكنّا نهاب مسألته بعد نزول الآية: (لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ).
فقّدمنا إليه أعرابياً فرشَوناهُ بُرداً على مسألته، فاعتمّ به حتى
رأيتُ حاشية البُردِ على حاجبه الأيمن، وقُلنا له: سَل رسولَ الله صلى الله
عليه كيفَ يُرفع العلمُ وهذا القرآنُ بين أظهرُنا، وقد تعلّمناهُ وعلَّمناهُ نساءَنا
وذرارينا وخدَمِنا، قالَ: فرفع رسولُ الله - ﷺ - رأسَهُ وقد علا وجهَه حمرةٌ من الغضبِ فقال: ثكِلَتك أمُّك، أو ليست هذه اليهودُ والنصارى بين أظهُرها المصاحفُ وقد أصبحوا ما يتعلقونَ منها بحرفٍ مما جاءت به أنبياؤهم، إنَّ ذهاب العلم أن يذهبَ حملتهم".
وكل هذه الأخبار أيضاً تنبىءُ عن بقاء الكتابِ بين المسلمين وتعقُلهم له
ومحافظتِهم عليه، ولو عُلم أنّ القرآن سيضيعُ ويُحرّفُ ويغير وتزولُ الحجةُ
به لقالَ لهم: وأولُ ذهاب علمِكم ضياعُ القرآن منكُم وتغييرُه وتبديلُه، وهذا هو الذي أريده بذهابِ العلم، ولم يُحلهُم على أنّ ذهابَ العلم وقبضِه
ورفعِه هو ذهاب حملَته، ولا ردهم إلى قوم قد كان الكتابُ بينهم،


الصفحة التالية
Icon