وتكسبهم بالمذهب معروف، وإحرافُهم له معلوم، وما هم عليه من مذموم
الطرائق وشدةِ الرغبة في العاجل، وقلة اكتراثهم بأمر الآخرة، ويقالُ لمن
استدل بهذا الخبر منهم - ممن يزعُم أن قد نقص منه ولم يُزد فيه ولا يمكنُ
أن يزاد فيه، لإعجاز نظمه تعذر الإتيانُ بمثله -: أنت في غفلة مما تخوضُ
فيه لأنك قد اعترفت بأن أهل الكتابين زادوا في القرآن ونقصوا منه، وأن الله سبحانهُ خبَّر بذلك حيثُ يقول: (وَيَقُولون هُوَ مِن عِندِ اللهِ).
وقوله: (يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ)، فيجبُ إذا كانَ ذلك كله أن
يدل هذا الخبرُ دلالة قاطعةَ على أن القرآنَ مَزيد فيه ومدخَل فيه كثير ليس
منه، كما دل على أنه نقص منه حتى يكون من ضيع ذلك مِن الأمَّة سالكا
لسَنَن من قبله حَذوَ النعل بالنعل، فإن مرَّ على ذلك ظهر عجزهُ ورغب عن
مذهبه، دهان أباهُ أسقط استدلالهُ بالخبر سقوطا ظاهرا.
وإن قالوا: أراد أنهم يسلُكون سنَنَ أهل الكتاب إلا في الزيادة في
الكتاب، قيل له: وأراد سلوك سنَنَهم إلا في النقصان من الكتاب، وإلا
تحريفه وتغييرهُ وقصد ما عدا ذلك، وهذا ما لا حيلة فيه ولا جواب عنه.
وكذلك الكلامُ على من قال: إنه مزيد فيه وليس بمنقوصِ أو مغير النظم
والتأليف فقط من غير زيادةِ ولا نقصانِ منه، وفي بعض ما أشرنا إليه أوضحُ
دليل على سقوط تعلُّقهم بهذه الرويات.
دليل لهم آخرُ على نقصان القرآن وتحريفه: بأن الشيعة تنقلُ خلفا عن
سلفِ عن علي والأئمة من عترته، عن سلف لهم تقومُ بهم الحجةُ وينقطعُ
العُذر: أن القرآن قد نُقص منه وغُير وبُدلَ وأحيل عن نظمه، قالوا: والكذبُ ممتنع على من ذكرنا، والعُذرُ ببعضِهم، فوجب لذلك صدقُهم فيما نقلوهُ من هذا الباب، والقطعُ من جهة خبرهم على نقصان القرآن وتغييره.