فصل


مما يدل على كذب الرافضة في هذه الدعوى، صحةُ ما قلناهُ في ثبوت
القرآن والإطباق عليه، وعلمُنا وعلمُ الكافة من الشيعة وغيرِهم بدخول على عليه السلامُ في الجماعةِ التي اتفقت على كتب المصحف وأخذ الناس به.
وإلغاء ما عداه، والتصويب لعثمان فيما صنعه من ذلك، حتى لم يُحفظ عليه
كلمةٌ ولا حرف واحدٌ في الطعن على هذا المصحف والحرف الذي اتفقُوا
عليه، بل روى الناسُ عنهُ روايةً ظاهرةً أنه كان يُقريءُ به ويُعلمه كما يُقريءُ
به غيره، وروى ذلك عنهُ أبو عبد الرحمن السُّلمي وغيره: أنه أقرأهُ فلم
يُختلف عنه في ذلك، ولا روِي عنه خلافٌ للجماعة فيما اتفقت عليه، لا من جهة الآحاد ولا من طريق التواتر.
ولو كان من خلافٍ في هذا الباب أو يسير قولٍ لوجب في مستقر العادة
أن يظهر ويستفيض حتى لا يمكنه جَحدهُ وإنكارهُ كما ظهر عن عبد الله بن
مسعودٍ اختيارُ القراءة بحرفه، وكراهيةُ نصبه وبدلُ كتبة المصحف، ولو كان
مثلُ هذا قد وقع من علي والأئمة العلماء من ولَده لوجب أن يكون نقلهُ أظهر وأشهر، وأن يكون العِلمُ به أثبت في النفوس وألزم للقلوب بجلالة قدر علي وعِترته، وعظيم شأنهم في النفوس، وقد ثبت أن نقل كلام ممن ارتفع قدرُه وعظُم شانُه وكثُرت شيعتهُ والاقتداءُ به يجبُ أن يكون أظهر وأكثر من نقل كلامٍ قصرُ عن محِله، وفي رجوعنا إلى أنفسنا وعلمِنا بأنه لم يُروَ عنه حرف واحد في هذا الباب بل روِيت موافقتهُ وتصويبهُ ومتابعتهُ أوضحُ دليلٍ على أنه صلى الله عليه كان أخذ القراءة بحرف عثمان والداخلين فيها عليه، ودَانوا


الصفحة التالية
Icon