قالوه برواية راوٍ لهم لا تقوم الحجَّة ُ بمثله، ويمكنُ الكذِب والافتعالُ في
قوله وروايته، أو لعلَّهم بضرب من الرأي والتقدير، ولعلَّهم استجازوا
القراءة بالمعنى وقالوا في ذلك ضرباً من التأويل، فمن أينَ نعلمُ صوابَ هذه
القراءات التي رويتموها عنهم مع تجويزها عنه مع تجويز ما وصفناه، وليس
هم أيضا أهلَ تواترٍ فيما يروونه، هذا مع أن قراءتَهم هذه مخالفةٌ لقراءةِ
عثمانَ وعلي والجماعة، وقد اتفق عليه عندنا سائرُ سلفِ الأمَّة، الذين كل
من حدَّث بعدَهم من أولادِ نبيهم وغيرهم محجوجين بقولهم وإجماعهم.
فإن قالوا: الذي يدلُّ على صحة ما قرأوه أنه هو كتابُ الله المنزل دونَ
ما خالفه من قول مَن كان قبلكم وقد يحدُثُ بعدهم، ما صحَّ وثبت مِن
إمامتهم ونص الرسول عليهم، وما هم عليه من العصمةِ التامة والوقارةِ
الكاملة، وامتناع الكذب والسهو والخطأ والإغفال والتقصير عليهم، لما
أفردهم الله تعالى من عصمَتهم وألزمَ العالمَ من فرض طاعتهم والانقياد
لهم، لأن اللهَ تعالى لا ينص على إمامة قوم على لسانِ رسوله إلا أن يكونوا
أبراراً معصومين من كلِ زلةٍ وسهوٍ وخطيئة، ويسيرِ الذنوب وكثيرها.
فيقال لهم: من سلّم لكم النص عليهم، وأنهم أئمة الأمّة، وأنهم من
الوقارة والعصمَة بحيث وصفتم، وأنتم تعلمون أننا نمنع ذلك أجمعَ في على
وأبي بكر وعمرَ وعثمانَ ونُبطلُ هذه الجملة، فما الحجَّة أيضا على صوابِ
هذه الدعوى، وأن الخلافَ فيها كالخلاف في أمرِ القرآنِ بل لعله أعظمُ
وأخطر، فإن كان صحةُ هذه القراءات المرويَّة عنهم منوطا معقوداً بصحَّة ِ
إمامَتهم وثبوت النصِّ عليهم، فيجبُ أن تدعوا أولا عن ثبوت هذه الجملة.
وأن فرضَ الإمامة واجبٌ من جهةِ العقل وأنها لا تثبتُ إلا بنص من الرسول.
وأن ذلك النص إذا وجبَ لا يجوزُ أن يقعَ إلا على وافرٍ معصومٍ فإننا


الصفحة التالية
Icon