نخالفكم في هذا أجمع، ونرده أشد مِن ردنا لصحة هذه القراءات التي
رويتمُوها عن هذا السلف الصالح، وقد يجبُ أن يقولوا على هذا الباب دون
ذكرِ التواتر والاستفاضةِ وإيجابِ خبر الشيعة للعلم وقطعه للعذر، وهذا
مُحير منهم، فإن عدلوا إلى تثبيت هذه الأصول وتصحيح النص كُلِّموا في ذلك بما ذكرناهُ وشرحناه في كتاب "الأمامة"، وفي "شرح اللُمَع" وغيرِه من الكتب، ولولا كراهِتنا التطويل والإكثار لذكرنا منه طرفا.
وإذا فسد بما ذكرنا هناك النص وصح الاختيار، ولم يكن هذا العددُ من
أهل البيت الذين رووا هذه القراءاتِ عنهم عدداً يثبُت بهم التواترُ لو رفعوا
أقاويلهم هذه التي رويتموها وقرآنهم إلى النبي صلى الله عليه، وإلى أبيهم
على بن أبي طالبٍ عليه السلام، وكان الخطا والسهوُ والإغفالُ والغلطُ في
التأويل وقبولِ روايةِ من لم يقطَع خبرهُ العذرَ جائزاً عليهم كما أنه جائز عندنا
على أبي بكرٍ وعمرَ وعثمان، لم يكن معهم حجة على صواب قولهم وصحة
قراءاتهم، إذا كانت الحالُ على ما وصفناهُ ولا محيص لهم من ذلك إلا تنقلُ
الكلام إلى الإمامة وتصحيحِ النص، والأمرُ في ذلك أسهلُ وأقربُ فما نحن
معهم فيه.
ويقال لهم أيضاً: اعلموا على أننا قد سلَّمنا لكم عصمَتهم ونص
الرسولُ عليهم، فمن أين لنا أنكم صادقون مما تروونَه عنهم مِن هذه
القراءات، ولستم بمعصومينَ من السهو والإغفال والكذب والافتعال، بل
ما نشك في أنكم تكذبون عليهم في هذا وغيرِه من الضلالات التي تُضيفونها
إليهم فبان أنه لا تعلق لكم أيضا في عصمتهم وثبوت النص عليهم.
ثم يقال لهم: ألستم جميعا تزعمون أن عليًّا عليه السلام وجماعة ولده
وعِترَته قد أظهروا في أوقاتٍ كثيرةٍ متغايرةٍ القولَ بصحَّة مصحفِ عثمان؟!


الصفحة التالية
Icon