مع إقرارهِ له بخبرٍ وروايةٍ لم تقم بها الحجَّة ُ ولا هي مما عُلم صحتها بضرورةٍ أو
دليل، بل يجبُ أن لا يُنسب إلى أدنى المؤمنينَ منزلةً شيءٌ من ذلكَ، ولا
يُقطعُ بهِ عليه، إلا بخبرٍ تقومُ به الحجَّة ُ ويَلزمُ القُلوبَ العلمُ بثبوته، وبمثلِ
هذا بعينهِ أبطَلنا مطاعنَ الخوارجِ على عليٍّ برواياتٍ تَروونها لم تقُم الحجَّة ُ
بها، ولا عِلمَ بثبُويها لا حاجةَ بنا إلى ذكرِها، ولو عَلمنا على إضافةِ مثلِ هذا
إلى عثمانَ وعائشةَ والقطعِ عليهما بهِ وذمِّهما لأجلهِ بخبرِ الواحدِ ومَن جرى
مجراه، لوجبَ ذمُ سائرِ الصَّحابة ِ وقذفهِم بالخطأِ والعِصيانِ والتفريط، لأنه
ليسَ فيهم إلا مَن قد رُويَ عنه أمرٌ لم يثبتْ عليه، ولم تقُم حجةٌ به، ولما لم
يجب ذلكَ سقطَ ما تعلقتُم به، إذ كنا لا نعلمُ بثبوتِ هذهِ الروايةِ بضرورةٍ ولا بدليل.
فأمَّا عدمُ علِمنا بصحتها ضَرورة، فأمرٌ لا شُبهةَ علينا ولا علَيهم فيه.
لأنَّ أحداً لا يسوغُ لهُ دعوى الضرورةِ إلى العِلم بصحَّة ِ هذهِ الرواية، وكيفَ يسُوغُ ذلكَ وهو لو كانَ مما قَد ظَهر وانتشرَ واستفاضَ وبلغَ حد التّواتر الموجبِ للعلمِ القاطعِ للعذر، لوجبَ أن نّجدَ أنفسنَا مضطرّةً إلى العلمِ به، وغيرَ واجدةٍ للسبيلَ إلى دفعه، أو الشّكَ فيه، وباضطرارٍ يُعلم من أنفسِنا أنّه لا علمَ فينا بصحّةِ هذه الرِّوايةِ، وأن لِطوارقِ الريبِ والشُكوكِ فيه تسلُّطاً وسبيلاً على قُلوبنا كتسلطِه على ذلكَ في جميعِ ما يُروى لنا ممّا لم تقم بهِ الحجةُ من أخبارِ الآحاد، ومِن دَفعِنا عن ذلكَ لم يكن عندَنا في حدِّ من
يجبُ كلامهُ ويحسنُ مناظرتهُ ولا ممن يُرجى الانتفاعُ بمشاجرِته، ولم تكن
الحيلةُ في أمره، إلا أن يقالَ له: إنّكَ تعلَمُ ضرورةً أنّ هذا الخبرَ لا يوجبُ
العلمَ ولا يقطعُ العذر، ويُعلمُ ضرورةً أنه متكذَّبٌ باطل، ويُضطرُ إلى أنّه