أفهامِهم وصحةِ نحائرهم وفصاحتِهم ولسِنِهم، وأن اللغةَ طِباعُهم، والكلامَ
بها شأنُهم ونشوءَهم وديدَنُهم، وأنه لا يمكنُ أن يذهبَ عليهم معرفةُ اللحنِ
في لغتهِم وهم أفصحُ قومِهم أو مِن أفصَحِهم وأعرفِهم باللسانِ ومواقعِ
الخِطابِ ووجوهِ الإعراب، فمن توهم أننا لا بد أن نُلصقَ بعائشةَ هذهِ الروايةَ
ونقطعَ بها عليها ونحقَقها من قِبلِها بمثلِ هذا الخبرِ الذي الله سبحانهُ أعلمُ
بحالِ طريقه إلى عروةَ بنِ الزبير، فقد توهّم علينا العجزَ والتّفريط، وإَذا كانَ
ذلكَ كذلكَ بطَل أيضاً التّعلُقُ بهذِهِ الرِّوايةِ على أنّ الذي روى عنها في ذلكَ
هو ما رواهُ أبو بكرِ بنِ مجاهدٍ وغيرهُ مِنَ الرواةِ يرفعُونه إلى عُروةَ بنِ الزُّبير.
فَروى ابنُ مجاهد عن يحيى بنِ زيادٍ الفّراء، قال: حدَّثني أبو معاويةَ
الضرير، وروى أيضاً أنه حدَّثَه فضلٌ الورّاقُ عن خلاد بن خالدٍ عن أبي
معاويةَ الضرير، وروى أنّه حدثه موسى بنُ إسحاقَ عن مِنجاب عن
علي بن مسهرٍ عن هشامِ بن عروةَ عن أبيه: "أنّ عائشةَ قالت: في
(والمقيمينَ الصّلاة والمؤتونَ الزكاةَ)، و (وإنّ الذين آمنوا والذينَ هادوا
والصابئون)، (إنَ هذانِ لساحِران)، أن ذلكَ خطأ من الكَاتبِ ".
وقد بيّنا فيما سلفَ أننا لا نعرفُ كيف الحالُ فيمن دونَ هشامِ بن عروةَ
من الرواةِ عندَ الله، وأّنه لا حُجّةَ فيما هذه سبيلُه منَ الإخبارِ في الأمرِ الذي