يجبُ القطعُ به على الله، وعلى المروي َ عنه وما يقتضيهِ مِن ذمِّة والبراءَةِ منه
أوتعظيمهه ووُجوبِ موالاَته، فوجبَ بذلكَ أنّه لا حجّةَ في هذهِ الرَِّواية، على أنّ في الرَِّواية ِ ما يدلُّ على ضعفِ الخبرِ عنها وبُعدِها عن أن تكونَ قالته، وذهبَ عليها وجهُ الخطأ عنه وذلكَ أنّها ذكَرت ثلاثةَ أحرف: مِنها حرفانِ
صحيحانِ جائزانِ عندَ سائرِ أهلِ العربيّة، فيها الرفعُ والنصبُ جميعا في لغة
قريشٍ وغيرها وهما: قولُه: (والصابئونَ)، وقولُه: (والمقيمِينَ الصّلاة).
وسنذكرُ وجهَ جوازِ ذلك وحجَّته إن شاءَ اللهُ، فهذهِ جملةٌ تُسقطُ تعلُّقَهم بهذه
الروايةِ عن عثمانَ وعائشة.
ثم إنّا نقولُ بعدَ ذلك: فإن صحَّت هذهِ الرَِّواية ُ وكانت على ما يدّعون
ظاهرةً معلومةً في الصَّحابةِ مشتهرةً فيهم، فقد بطلَ بذلكَ قولُهم إنَّ الصَّحابة َجهِلت وحذفت وأثبتَت في المصحفِ ما لا عِلمَ لها بِصوابِه من خطئِه، لأجلِ أنّ عثمانَ وعائشةَ قد عَرفا اللّحنَ والخطأ وذكَرا ذلكَ عن أنفسهما.
ولو لَم يعرِفاه لمَا ذكراهُ ونبّها عليه، وكذلكَ سائرُ الصّحابةِ يجبُ أن تكونَ
قد عرفتْ هذا اللّحنَ والخَطأ، إن كانت هذهِ الرَِّواية ُ عن عثمانَ وعائشةَ
مشهورةٌ فيهم عنهما، لأجلِ أنهم أهلُ الفصاحةِ واللّسنِ والمعرفةِ بوجوهِ
العربيةِ وضُروبِ الخِطابِ والتصويبِ في الكلام، واللغةُ لغتهم، وإنما أنزِلَ
القرآنُ بلسانِهم وفيهم، وليسَ يقصرُ الخلقُ الكثيرُ والدهماءُ منهم في
الفَصاحةِ والمعرفةِ بلسانِ العربِ والجائزِ فيهِ وغيرِ الجائز، عن منزلةِ عثمانَ
. وعائشة، بل فيهم من قَد قيلَ إنّه أفصحُ منهما وأكثرُ انبساطا وتصرُّفا في
معرفةِ اللسانِ والقدرةِ على التكلمِ به، فإذا شُهِرَ فيهم قولُ عثمانَ وعائشةَ إن في القرآنِ لحناَ وإنه من خطأ الكاتب فلم نحفظَ أحداَ أنكرَ ذلكَ على عثمانَ وعائشةَ أو عارضَ فيه أو احتج فيه أَوردّه أو قدَح فيه بوجهِ من وجُوهِ الطعن،


الصفحة التالية
Icon