العربُ بألسنتها، أنّه ليس فيها متكلم به على وجهِ ما ثَبت في المصحَف.
وأن ذلكَ خطأ غيرُ جائز.
ويمكنُ أيضًا أن يكونَ إنّما قصدَ بقولهِ: إنَّ فيهِ لحناَ عندَ مَن توهّم ذلكَ
وخفيَ عليهِ وجهُ الصّوابِ في إعرابه على ما ثبتَ رسمُه، ولم، يَعرِف الوَجهَ
في جوازه، وأن يكونَ أرادَ بقولهِ: ولتقيمنه العربُ بألسِنتها، أي لتحتجّنّ
العربُ وَلَيُتَيحَنَّ الوجهَ في صحةِ ذلك، وصوابِ ما ثبتَ في المصحف.
وليبيحَنّ الله تعالى منهم في كلِ عصرٍ وأوانِ يظهرُ فيه دعوى وقوعِ اللّحنِ
فيما يتوهم ويُظن أنّه لحنٌ مَن يُعرِبُ عن صوابِه، ويحتج بجوازه، ، ويكشفُ
عن وجهِ صحتِه، وتخطئةِ دعوى الخطأ فيه، وذلكَ إقامة له ممن صنعَه من
العَرب وإفصاح عن معناهُ وصوابِه بلسَانه.
فأمّا أن يكونَ أراد القطعَ على أن فيه لحناً، لا يسُوغُ بوجه، وهو مَع
ذلكَ مقر له وغيرُ مغيره، فذلكَ غيرُ جائزِ ولا بُدَّ من حملِ كلامهِ على مثلِ
هذا التأويلِ ونحوه، لأجلِ قيام الدليلِ القاطعِ على أنه لا لحنَ ولا خطأَ في
المصحف، وأن هذهِ الأحرفَ جائزةٌ حسنة وصوابٌ على ما ثبتَ رسمُها في
المصحف بما سنوضّحه ونكشفهُ فيما بعد، وأنّه لا بدَّ أن تكونَ عائشةُ وعثمانُ من أعرفِ النّاسِ بجوازِ ذلكَ وصحّتِه، وأنّهما أفصحُ وأعرفُ بهذا البابِ من سائرِ من بعدَهُما من أهلِ الأعصارِ وجميعِ من يُظَن أنّه يستدركُ عليهما.
ومما يُعتمدُ عليهِ في تأويلِ قولِ عثمانَ: أرى فيه لحنا، هو أنّ المقصِدَ
به ما وُجد فيه من حذفِ الكاتبِ واختصارِه في مواضعَ وزيادةِ أحرفِ في
مواضعَ أخَر، وأنّ الكاتبَ لو كانَ كتبهَ على مخرجِ اللْفظِ وصورته لكانَ أحق
وأولى وأقطعَ للقالةِ وانقى للشُبهةِ عمن ليسَ الكلامُ باللسانِ طبعا له.
وقوله: "لتقتمنه العرب بألسِنتها"، معناه أنها لا تلتفت إلى المرسومِ المكتوبِ الذي