وضعَ للدلالة فقط، وأنّها تتكلّمُ بهِ على مقتضى اللغةِ والوجهِ الذي أنزِلَ عليه من مخرجِ اللّفظِ وصورته.
فمِن هذهِ الحروفِ والكلماتِ، ما كتبَ في المصحفِ مِنَ الصلاةِ والزكاةِ
والحياةِ بالواو دون الألف، وكانَ الأولى أن تكتبَ الصلاةُ والزكاةُ والحياةُ
على مخرجِ اللَفظِ ومطابقتِه، وكذلكَ إبراهيمُ وإسماعيلُ وإسحاقُ وصالحُ
والرحمنُ وأمثالُ هذه الأسماءِ التي تُسقطُ الألفُ منها وهي ثابتة في اللفظِ
والمخرج، ونحوُ إلحاقِهم في آخرِ الكلمةِ مِن قالُوا وقامُوا وكانوا وأمثالُ
ذلكَ ألفا، والألفُ غيرُ ثابتةٍ ولا بينةٍ في اللفظ، فرأى عثمانُ كتابةَ هذهِ
بالكلماتِ أو الأسماءِ ورسمِها على مطابقةِ اللَفظِ ومخرجهِ أولى وأحقّ، وأن
المتكلمَ إنْ تكلّم بها وتلاها على حدّ ما رُسمت في المصحفِ كان مُخطئاً
لاحِنا خارجا عن لغةِ العربِ وعادِتها، ومتكلّما بغيرِ لِسَانها، غيرَ أنّه عرفَ
هو وكل، أحدٍ مَن كتَبَ المصحفَ وغيرهم من أهلِ العلمِ باللُّغةِ أنّ العربَ لا
تلفِظ بالصلاةِ والزكاةِ والحياةِ بالواو وتُسقطُ الألفَ، ولا تحذفُ الألفَ في
لفظِها بالرحمنِ وسليمانَ وإسماعيل وإسحاقَ وصالحَ ونحو ذلك، ولا تأتي
بالف في قامُوا وقالُوا وكانُوا وأمثالِ ذلك، وأنها لا تتكلمُ بذلكَ، إلا على
مُقتَضى اللّفظِ ووضعِ اللغةِ لشهرةِ ذلكَ وحصولِ العلمِ به، وتعذُرِ النطقِ به
على ما رسُمَ في المصحف، فلذلكَ قال: "ولتقيمنّهُ العربُ بألسِنتها"، أي
أنها تنطق به على واجبه ولا تشك في ذلك، لأجلِ أن الرسمَ في الخط
بخلافه.
ومما يدلُ على صحة ِ هذا: التأويل، وأنَّه المقصو بما صَدرَ عن عثمان.
ما رواهُ، أبو عبيد عن حجاح بنِ هارونَ بنِ موسى عن الزُبيرِ بنِ حُريثٍ عن
عكرمةَ قال: - "لما كتبت المصاحِف عُرضت على عثمانَ فوَجدَ حروفا من