بالحارثِ بن كعب، وأنهم يقولون: مررتُ برجلان، وقبضتُ منهُ دِرهمان.
وجلستُ بينَ يداه، وركبتُ بغلاه، وأنشدوا في ذلك:

تزودَ منا بينَ أذنَاهُ ضربةً دعَتْهُ إلى هابي الترابِ عقيمُ
يعني موضعا كثير التراب.
وأنشدوا فيه:
فأَطْرَق إطْراقَ الشُّجاعِ ولو يرى مَسَاغاً لِناباه الشُّجاعُ لصَمَّما
وأنشدوا أيضاً قولَ الآخر:
شالوا علاهُن فشُل عِلاها وأشد مستاحقت حقواها
وقال الآخر:
أيُّ قلوصٍ راكبٍ تراها طارقا عِلاهن قطر عِلاها
وإذا كانَ الأمرُ في جوازِ هذا الحرف، وتكلمِ أهلِ اللغةِ من فُصَحاءِ
العربِ واحتجاجِ قومٍ له وقولهم إنه الأصل، وإنه أقيسُ على ما وصفناه.
ووجدناه مكتوبا في المصحفِ على ذلك، وجدنا نقلَه متواتِراً قد قامت به
الحجّة، وعلِمنا أن الصَّحابة َ والفصحاءَ الذينَ كتبوا المصحفَ معَ أمانتِهم
وفضلِ عِلمِهم وشدةِ احتياطهم وصحةِ قرائحهمِ وأذهانهم، وقُرْبِ عهدهم
بالوحي، وكونِ القرآنِ مُنْزلاً عليهِم، وثاقبِ معرفتهم بتصرفِ الكلامِ ووجوهِ الإعراب، لم يكتبوا ذلكَ في المصحفِ إلا عن علم واتباعِ سنةٍ وموافقةٍ لتوقيفٍ على جوازِ ذلكَ وصحته، وجبَ القطعُ على صحة ِ قراءةِ هذهِ الحروفِ على موافقةِ خط المصحفِ وتوثيقه، لأن نقل خطّ المصحفِ وشهادةِ الجماعةِ


الصفحة التالية
Icon