بصحتهِ وسلامته، وأنه لا خطأَ فيه، أحدُ الأدلة ِ على صحة ِ الخط والتلاوةِ.
وعلى موافقته، فَوَجبَ بذلكَ جوازُ هذا الحرفِ وصحته، وتجهيلُ من أنكَره
واستبعدهُ واستوحشَ مِن قراءَته على هذا الوجه.
فإن كانَ مخالِفاً للُغةِ قريش، وكانت قريشٌ لا تكادُ تتكلمُ به على هذا
الوجه، فأما وجهُ جوازِ قراءِته بخلافِ خط المصحف، وأن يُقرأ: (إن هذينَ
لساحرانِ "، فهو: إن الأمَّة قد اتفقت على جوازِ ذلكَ وتركِ تخطئةِ من قرأهُ
بخلافِ خط المصحف، والعدولِ عن تضليلهِ وتأثيمه، وأن ذلكَ هو لغةٌ
قريشٍ مع اتفاقِها على أن القرآنَ منزَلٌ بلُغةِ قريش.
وإذا كانَ ذلكَ كذلك، وكان هذا الحرفُ في لُغةِ قريشٍ فيتكلم به على
خط المصحف، وجبَ أن يكونَ مُنزلا أيضا على مخالفةِ خط المصحف.
وأن يكونَ القاريءُ به على مخالفةِ خط المصحفِ مصححاُ مصيبا إذا كانَ
ذلكَ هُوَ لُغةُ قريش، كما أن القاريءَ لَهُ بخلافِ لُغتهم مصحح لنقلِ الجماعةِ
لذلكَ وشهادَتِهم بصحَّة ِ خط المصحف، وأنه منزل على ما ثبتَ فيه، وأن
الأشهرَ الواضحَ هو المعروفُ في لُغةِ قريشٍ وأكثرِ العرب، وهو المعروفُ
الذي لا يُشك فيه، يوجبُ جوازَ القرائتينِ وتصحيحِهما استدلالا بما ثبتَ من
خط المصحف، وتركَ التأثيمِ والتضليلِ في ذلك، ولذلكَ استجازَ كثير من
السلفِ أن يقرؤوا: "إنَ هذينِ لساحرانِ".
وروِيَ ذلكَ عن عائشةَ وعن عبدِ اللهِ ابن الزُبير، والحسنِ البصري وسعيد بن جبير وإبراهيمَ النّخعيّ، وقرأ بهِ جماعة من قراءِ الأمصار، منهم: أبو عَمرو بنُ العَلاء، وعاصئم الجُحدُري، وعيسى بنُ عِمران، وأبانُ بنُ تَغلب، ومسلَمةُ بنُ محارب.
وهذا أشهرُ وأظهرُ عند أهلِ النّقلِ من أن يُحتاجَ فيه إلى إطالةٍ وإكثار، حتى إن في الناسِ مَن يقولُ: لا يجوزُ قراءتُه، إلا على مخالفةِ خط المصحف، وقد عُلمَ أن