واعلموا - رحمكم الله - قبلَ الكلام عليهم أن هذه المطاعنَ بأسرِها
مطاعن الملحدينَ في كتاب الله تعالى، وقد سبقوا إلى ذكرها والاحتجاج بها
وزادوا على قدر ما تذكره الرافضة من هذه الأبوإب، لأنها إنما تذكر قليلاً
من كثير من كلام الملحدين في هذا الباب، ومن هذه الفصول التي أحتج بها
الملحدون ما تودعه الرافضهُّ كتبها، وتحتج به على تخليطِ السلفِ في كتاب
الله، وتغييرهم له، وفيما تورده في نفس المناظرة والدعوةِ إلى ضلالتهم
على وجه التمويه على المستضعفينَ ممن يدعونَه أو يناظرونَه، وربما أجهدوا
أنفسَهم عند قوله للعامة الغوغاء مِن أتباعهم: إنَّ هذا المصحفَ مصحفُ
عثمان، وأنه مغيّر مبدّل ومزيد فيه ومنقوص منه ومتواضَع على تحريفه.
وقصدَ التخليطِ فيه في إيراد جميع شُبه الملحدينَ ومطاعنهم على كتابِ الله.
وإن كانوا عالمينَ بفسادِه ووجهِ المخرَج منه، وجواز استعماله في اللغة
قصدا منهم إلى الإلباس وتشكيك من اشتركوه في صحة كتاب الله.
والاستعانة بما يوردونه عليه، ضمنَ شبه الملحدين على ما يحاولونه من
استجابة الناس إلى ذم السلف، تركَ العملِ على مصحفِ عثمان، وتعلق
قلوبِ سامعِ شُبههم بالقرآن الصحيح الذي عند الإمام علمه، وليس على
أحد له أدنى فضل ومِسْكة ومطالبة شبهةٍ فيما يتعلقون به.
ونحن نذكر في كل ما تعلقوا به جملة بينة على ما وراءها، ونفتح طريقَ
العلم بصحَّة ما طعنوا فيه وتوهمهم وعنادهم فيما صاروا إليه على سبيل
الإشارة به والتلويح، وإننا إن قصدنا لاستيفاء الكلامِ في جميع هذه الفصولِ
والأبواب، احتجنا أن نبسطه ونتقَصَّاه في دسوس أوراقٍ وخرجنا بذلك


الصفحة التالية
Icon