أراد أهم هممته أو شيء غيره فحذف ذكر غير الهم، وهذا كثير من أن
ومثل هذا ما يتعلّقون به قوله عز وجل: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (١).
ثم وصفَ المؤمنين ثم قال: (كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ (٥)
، ولم يذكر الشيء الذي شتهه بإخراج الله له من بيته بالحق، وكما أنّه يدخلُ في الكلام لتشبيه الشيءِ بغيره، وذلك أن الله تعالى شبه إخراجَه من بيتِه مع كراهةِ قوم من المؤمنين لذلك بتنفيله عليه السلام يوم بدر لسلبِ القاتل، وجعلِه لمن أتى بأسيرٍ كذى وكذى، وإنما فعل ذلك لقلة المسلمين يومئذ وكراهةِ كثير منهم القتال، وكره قوم منهم أن يكون لكل من قتلَ قتيلاً سلبُه، فقال الله لهم: قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ، أي يضعُها حيث شاء، (فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ)، أي فرقوها بينكم على ما أمر الله ثم قال: ((كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ)، أي أنهم كرهوا ذلك كما كرهوا إخراجَك يوم أخرجتَ من بيتك، فحذفَ وجعلَ
ما تقدم في أول السورة جوابا لهذا الكلام، واقتصر على دلالة الكلام عليه.
ومثلُ هذا قولُ الشاعر:
فلا تدفنوني إنَّ دَفْني مُحرَّمٌ | عليكم ولكن خامري أمّ عامر |
عامر يقصدُ الضّبع لتأكلني، فحذف ولكن دَعوني، للعلم باقتضاء الخطاب
له.