وإن خفتُم أيضاً أن لا تعدلوا بن الاثنتينِ والثلاثِ والأربع فانكحوا واحدة.
واقتصروا معها على ما ملكتْ أيمانكم من الإماء، ذلكَ أدَنى أن لا تَعولوا.
أي لا تميلوا وتُجاوزُوا.
وقد رُويَ هذا الذي قلناهُ بعينه عن ابنِ عباس، فإنّه قال: "قُصِرَ الرجالُ
على أربعٍ من أجلِ اليتامى فيقول لما كانَ النساءُ مكفولاتٍ بمنزلةِ اليتامى.
وكان العدلُ على اليتامى صعبٌ شديا على كافِلهمِ قصِرَ الرجالُ على ما بين
الواحدةِ إلى الأربعِ من النساء، ولم يُطلِق لهم ما فوقَ ذلكَ لأنْ لا يميلوا".
وإذا كان ذلك كذلك بطلَ توهمهم وزالَ تعجبهُم.
وقد قيل: إن تأويلَ هذه الآية ِ أنه قد كانَ مُباحاً لهم في صدرِ الإسلامِ أن
ينكحوا ربائبهمُ اللاتي في حُجورِهم من نسائهمُ اللاتي دخلوا بِهِنّ، وأن
منُهم من كانَ يخافُ أن لا يعدلَ بينَ الربيبةِ وبين غيرها ممن ليست بربيبَته.
لكونه والياً على الربيبةِ ومرّبياً لها ومستولياً على أمرِها فقالَ لمَّا علمَ ذلكَ من
حالِهم: (وإنْ خفتُم أن لا تُقسِطوا في اليتامى) إذا أنتم نكحتموهنّ وتَزوجتم
بهن فيما يتعلق بحقوقِ الزوجيةِ والعدلِ بيَنهنَّ وبينَ غيرهن، فانكحوا غيرَهنّ
من النساءِ اللاتي ليسَ في حُجورِكم ولا لكم عليهن ولاية لتُحسَمَ أطماعكُمُ
في تحيُّفِهن، وهذا تأويلٌ صحيح.
وقيل أيضاً: إن تأويلَ الآية ِ ألكُم إن خفتمُ أن لا تعدِلوا في اليتامى
الأطفالِ إذا تزوجتم بهن وكن ذواتِ أموالٍ تخافونَ أخذَها وأكلَها بالباطلِ
وعَجَزَ الأطفالُ عن منعكم منها وصدكم عنها، واستيفاءِ ما تتلونه منها.
فانكحوا ما طابَ لكم النساءِ البُذَّلِ القادراتِ على تدبيرِ أموالهنّ، ومنعكم
من تَخَطُفها، لأنكم تكونون عند ذلكَ أبعدَ في أكلِ أموالهنّ بالباطل.
والاعتداءِ عليهن، وهذا أيضاً قريب ليسَ ببعيد.