في كتاب "شرحِ اللُمعٍ لأبي الحسنِ الأشعري " بما تُغني الناظرَ فيه، وإذا كان ذلك كذلك سقط ما قالُوه.
قالوا: ومن هذه أيضا قوله تعالى: (خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ (١٠٨).
قالوا: وقد عُلم أن قولَه غيرُ مجذوذ يقتضي أن يكون دائما غير مقطوع، وقوله: (إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ) يقتضي أنهم يمكثون في الجنة دهراً ثم لا يكونون فيها لقوله: (إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ)، لأنه يقتضي إلا ما شاء الله من إخراجهم، وهذا تناقضْ واستثناء في غير موضعه.
يقال لهم: لا يجب ما قلتم لأن العرب تعبر عن معنى الأبد والتأبيد
بألفاظ كثيرة، يقصدون بها الإخبار عن دوام الشيء وتأبيده، فمن ذلك
قولهم: لا أفعل ذلك ما تكرر العصران وما اختلف الجديدان، وما اختلف
الليل والنهار، وما طلعت الشمس، وما غربت، وما ظمأ البحر، وما أقام
أحد، وما در لله شارق، وأمثال هذه الألفاظ قال امرؤ القيس:
وإني مقيم ما أقام عَسيبُ
يعني جبلاً قائما، استجازوا جعل هذه الألفاظ مكان ذكر الأبد لاعتقادهم
أن العصرين يتكرران أبداً سرمداً، وأن الليلَ والنهارَ يختلفان ويتجددان أبداً


الصفحة التالية
Icon