ومن تخاليطهم في المصحف الذي لا يليقُ بالله سبحانه قوله: (وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ).
قالوا: وذلك يؤذنُ بأن فعلَ بعض الأمور أشق عليه من بعض.
قال الملحدون: وهذا ما يأباه القوم في صفة صانعهم، قالوا ومن هذا
قوله تعالى: (اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ)، وقوله: (وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ)، واللعب والاحتيالُ ممتنعٌ عليه، وهذا باطل، وقد قال الناسُ في هذا ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه أرادَ وهو أهونُ عليه عندكم وفي تقديركم إذا كان ابتداءُ
الشيء لا على مثالٍ ونظيرٍ تقدم أصعبَ عندكم من إعادته على مثالٍ سلف.
فضربَ لهم المثلُ بما عندهم، ثم قال عقيب ذلك: (وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى)، أي أنني أجل عن أن تكون هذه صفتي، وهذا ضد قوله: أو يزيدون يزيدُ عندكُم وفي تقديركُم.
وقال آخرون: أراد بقوله: "وهو أهونُ عليه " على الخلق، والهاءُ في
عليه مردودة عليهم، وإنَّما صار ذلك كذلك لأنّه يقولُ لهم سبحانه: كونوا
أحياء ناطقين مميزّين وإذا هم بشرٌ منتشرون، وذلك أسهلُ عليهم من كونهم
نطفةً ثم علقةً ثم مضعةً ثم طفلاً، ومن التنقّل من أصلاب الرجال إلى أرحام
النساء ومن الطفولية إلى الكبر والهرم حالاً بعد حالٍ فكذلك صارت الإعادةً
أهون عليهم من الابتداء، فيمكنُ أن يكونَ أرادَ بقوله: "وهو أهونُ عليه " في أنه هيّن عليه، فيكون أهونُ بمعنى هيّن، لأن ذلك مستعملٌ في اللغة وهو
المرادُ بقولهم الله أكبرُ إنّما معناهُ الكبيرُ ولم يرد إضافتَه إلى شيء هو أكبرُ منه
والمبالغةُ في تعظيمه عليه.


الصفحة التالية
Icon