قال الفرزدق يهجو جريراً:
إن الذي رفعَ السماءَ بنى لنا | بيتاً دعائِمُه أعز وأطولُ |
وأطولُ منه.
وقال آخر:
لعمرُكَ ما أدري وإني لأوجلُ | على أننا نغدوا المنيّة أولُ |
فعل، وإذا كان ذلك كذلك بطلَ ما تعلقوا به بطلاناً بيناً.
وأما قوله تعالى: (سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلَانِ)، فلم يرد الفراغَ
من الشغل، يتعالى عن ذلك، وإنّما أراد أننا نقصِد لحسابكم وجزائكم.
والعربُ تقول: سأفرغُ لكلامك وسأفرغ لمسائلتك ومواقفتك يعني بذلك
القصد إلى هذا دون الفراغ من شغل قاطع، فلا تعلُّق لهم في هذا الباب.
وأما قوله تعالى: (وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ)، وقوله: (اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ).
وأن المراد به واللهُ أعلم يجازيهم على مكرهم واستهزائهم، وقد نسمي
الجزاء على الشيء باسمه لما بينهما من التعلق، وقد ذُكر هذا في إثبات
المجاز، وذكروا منه قوله: (فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ).
وقوله: (فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ)، وقوله: (وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا).
وقال الشاعر:
ألا لايجهلنَّ أحد علينا | فنجهلَ فوقَ جهلِ الجاهلينا |