يريد فنكافئه على جهله، وقد قيلَ الجزاءُ على الشيء إنما يُسمّى باسمه
لمقاربته له وتعلقه به وطول الاصطحاب، كما قالوا: القمران والعمران
والأسودان، وهلاك أمتي في الأحمرين وأمثال ذلك.
قال الشاعر:

أخذنا بآفاق السماء عليكمُ لنا قمراها والنجومُ الطوالعُ
يعني الشمسَ والقمر.
وقال آخر:
فقولوا لأهل المكتين تحاشَدوا وسيروا إلى آطامِ يثربَ والنخل
يعني مكة والمدينة، وكذلك لمّا كان الجزاءُ مقرونا بالعمل، وكان على
كل جُرمٍ عقوبة سموا الجزاء على الفعلِ باسمِه للاصطحاب، وإذا كان ذلك
كذلك بطل ما توهموه من أن الله تعالى وصف نفسَه باللعب، والهزل
والمكرِ الذي هو تطلبُ المكائد والحيل.
فأمَّا تعلقُهم بأنّ الله لا يصفُ رسله بما لا يجوزُ عليهم، وقد وجدنا في
المصحف أن إبراهيم قال لمَّا جنّ عليه الليل ورأى كوكبا قال: هَذَا رَبي
إلى آخر القصة، فقد قيل في هذا إنه كان أولَ حالِ بلوغه وطلب ما كُلفه - ﷺ - من معرفَته ربه تعالى، ولم يعرف كفراً ولا شركا قبل ذلك، ولا في حال نظره.
وقيل أيضا: إنه خرجَ على مذهبِ العلمِ لقومه والبينة لهم على وجه
الاستدلال على حدث هذه الأفلاك.


الصفحة التالية
Icon