القرآن المكي والمدني والناسخ والمنسوخ، والاختلاف في أحكامه التي ضمّته
العقلية والسمعية شيء كثير لا خفاء به، وذلك تناقضٌ بين وخللٌ في القول.
ومنه أيضاً أنّه أخبر أنّه خلق الأرض قبل السماء، ثم أخبرَ أنه خلقَ
الأرضُ بعد السماء، حيثُ قال: (قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ) إلى قوله (ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ (١١).
ثم قال في موضع آخر: (أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا (٢٧) رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا (٢٨) وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا (٢٩) وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا (٣٠).
وهذا أيضاً - زعموا - تناقض ظاهر، ومنه أنّه أخبرَ في غير موضعٍ
أنّه خلقَ السمواتِ والأرضَ في ستةِ أيامٍ ئم فضلها لهم في ثمانيةٍ فقال:
(أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ (٩) وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ (١٠) ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ (١١) فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا).
واليومين مع الستة التي خلقت الأرضُ وأقواتُها فيها ثمانية، فأجمل ذلك في ستةٍ وفصّلها في ثمانية، وهذا - زعموا - تناقض بيّن.
قالوا: ومن ذلك أيضا قوله: (تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ)، و (مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ). مع قوله: (وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ).
والواو ها هنا واو استئناف لا واوَ عطف، وقوله: (كهيعَصَ، وحمَ، عسَقَ، والم) وغير ذلك من الحروف المذكورة في أوائل السور التي لا يُعرف معناها
وقوله: (وَفَاكِهَةً وَأَبًّا)، ما يعرفُ معناهُ وغيرُ ذلك مما لا يعرفُ الخلقُ له معنى، وهذا - زعموا - نقض قوله: (تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ).