بالحجاز يقال لرُطبه الشبرق وهو مما لا يُشبع ولا يُسمن ولا يغني شيئا.
والعرب تعرِفُه وتصِفُه بذلك.
قال الهذلي يصفُ سوء رعي الإبل:

وحُبسن في هزمِ الضريع فكلها حدباءُ داميةُ اليدين حرود
والحروج التي لا تلد، فضربَ اللهُ لهم بذكر الضريع مثلاً، فكأنَّه قال:
إن أهلَ النارِ يقتاتون ما لا يُغنيهم ولا يُشبعهم، فهم في ذلك كآكل الضريع
الذي لا يُسمن ولا يُغني من جوع، والغِسلين هو من فعلين، من غسلت فهو
غُسالةُ أهلِ النار، وقال قوم هو ما يسيل من أجسام المعذبين.
فأمَّا قوله: (إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ)، (لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ)، وقولهم: كيف يكون في النار نبت وشجر، فإنه لا تعلقَ لهم فيه، إن كان كنى بذلك الضريع وشجرة الزقوم عن جوعِهم.
وأنهم لا يشبعون وعن شيء مشبهٍ لشجرةٍ تشبه رؤوس الشياطين في قَبْح
مَنْظرها، فليس هناك نبت ولا شجر، وإنما ذلك أمثال وتشبيه، وإذا كان
أراد تعالى تحقيق نبتٍ وشجرٍ يخرجُ من النار، فإن ذلك غيرُ مستحيل.
وأمَّا قولُهم إنه لا معنى لتمثيلِ طلع الشجرة برؤوس الشياطين من وجهين:
أحدهما: أن الشجرة لا طلعَ لها وإنما يكون الطلعُ دونَ الشجر.
والوجهُ الآخر: أننا لا نعرفُ رؤوسَ الشياطين، وليس هو ما تعرِفُه
العرب، فيُمثلُ لها به بعض الأشياء، فإنه باطل لأنه إنَّما أراد بقوله تعالى:


الصفحة التالية
Icon